Sunday, September 9, 2012

تعليق: المسار الدائري لمناقشة حقوق المرأة

 توني موريسون

تقول الأديبة توني موريسون
"إن المسائل العنصرية كبيرة جدا و أنني أعيها جيدا. هنا يجب أن نلاحظ أن هذا التمييز العنصري يتطابق مع التمييز الطبقي، أو الصراع الطبقي بحسب الاصطلاح القديم، لأن غالبية الطبقة الفقيرة من الشعب الأمريكي من الملونين، و لذلك صار في وسع الاعلام المغرض بدلا من الخوض في المسائل الاقتصادية أن يتحدث عن المسائل العنصرية فتغيب المسألة الطبقية في عباءة المسألة العنصرية، و في هذا الأمر يتم التعتيم على التمييز الطبقي و من السهل تغطية ذلك" 

التعتيم على القضايا بإبراز واحدة و إخفاء الأخرى أو عرضها من جانب واحد فقط ذكرني بالتصريحات التي تظهر كل فترة بخصوص الختان- حين لا يكون موضع مناقشة للقضاء عليه مثلا- فيبدو أن هناك فائدة من وراء إثارة الموضوع في غير سياق الاهتمام به من الأساس لتجد أحد أمرين
1- اختصار قضية المرأة و إخفاء أبعادها الأخرى و أشكالها المختلفة على خلفية إفتراض ضمني أن المرأة حصلت بالفعل على كل الحقوق الممكنة.
2- الاجبار على إتخاذ موقف المدافع دائما. لو أنني اليوم و غدا و بعد غد و الأعوام الكثيرة القادمة صرت أناقشِك في ثلاثة مكتسبات و أهددك بسحبهم تارة و بتغيير صيغتهم تارة أخرى..هل ستفكرين يوما ما في الذهاب لأبعد من هذا؟ أو لطلب المزيد؟!
بالطبع لا، و هكذا فبدلا من الصدام مع الجزء النسائي من المجتمع بإعلان قوانين و تشريعات واضحة و صريحة تعمل ضدهن يمكن أن يظل الحوار دائرا في حيز الدفاع المتوتر و الخائف من ضياع ما تم اكتسابه و بالتالي الوقوف عند النقطة صفر، لا إضافة و لا نقصان -ظاهريا- بالطبع.
و هكذا في الوقت الذي حاولت فيه د/ منال الطيبي الاشارة لأشكال جديدة من الاتجار بالنساء تحت مسمى الزواج يخرج حوار أميمة كامل لدفع الحديث ناحية موضوع الختان مرة أخرى فتتلقى هي كل اللوم (كالعادة) و يتم التشويش على أي أصوات مختلفة.

و يتم تفريغ القضية من معناها باعتبارها جريمة و مع الاعتياد على إثارة الموضوع من آن لآخر يصبح التفاعل معها متبلدا بل و ليس على قائمة الأولويات مقارنة بالمشاكل التي تواجه المجتمع، فالمرأة لا تعاني وحدها لكن المجتمع كله يعاني و بالتالي فهي ستحصل على حقوقها بعد أن يتحرر المجتمع و يتقدم. هذا المنحى اتخذه على سبيل المثال فهمي هويدي يوما ما في نقد ظاهرة انتشار الاهتمام الاعلامي بمناقشة الختان منذ عدة سنوات و كما ذكر على أحد أغلفه كتبه ..." و كأنه أكبر مشاكل المجتمع الآن".
هذا الرأي تحديدا يمتص الغضب و يحول "الجريمة" إلى عادة قديمة و يقلل من حجمها لتصل إلى حجم الممارسة الثقافية التي ستنتهي يوما ما بالحوار المجتمعي...الخ
و هو خطاب بالأصل يقف مع الممارسة لكن دون التصريح بذلك، كما أنه في بنية لمجتمع سلطوي سيجد الآلاف من المنتفعين بهذه الحالة من السيطرة و بالتالي فتصدير الصورة الوردية لإنتهاء مشاكل المجتمع بعد تغيير نظام أو قيام ثورة هو مجرد وهم لا يود الاعتراف بأن السلطوية تعيد انتاج نفسها في أشكال متعددة في كل عصر و بالتالي فالدفاع عن حقوق فئة معينة ليس له موسم رواج و كساد. 
 هذا كان شبيها بالنقد الذي وجه لأميمة كامل فما تم تصديره و التركيز عليه أن عيب خطابها الأساسي هو اقتناعها بالختان دون الاشارة للخطاب الساذج و السطحي الذي تبنته في رؤيتها عن كيفية حل مشاكل المرأة و الذي يفتقر لأي وضوح أو ذكر أهداف  يتحقق بعضها على المدى القريب و بعضها على المدى البعيد و هو الأمر الذي يوحي بأن فائدة منصبها هو العمل ضد قضية المرأة بشكل ممنهج تكون فيه هي المسئولة عن عمل ضجة إعلامية ستتنصل بالطبع منها لاحقا و تقول بوجود محاولة متعمدة لتشويه التيار الاسلامي ثم عليه تتلقى النقد و السباب و وسط تصريحات النفي و الاثبات لن يسألها أحد: ماذا لدي مستشارة الرئاسة لشئون المرأة من حلول لمشكلة كذا؟" بل سيكون السؤال "ما رأيك في المشكلة؟" فندور في دائرة الجدل حول وجود المشكلة من عدمها و نعيد ما تم مناقشته و انتهى من عقود ماضية!

No comments:

Post a Comment