Showing posts with label مترجم. Show all posts
Showing posts with label مترجم. Show all posts

Sunday, July 29, 2012

السينما و أنتِ

السينما كانت المنفذ، أعطتني فرصة الحصول على حياة موازية بعيدا عن حملقة أمي المستمرة. تلك الحملقة هي أكثر ما أتذكره في طفولتي، و هي السمة الرئيسية لثقافتنا و الأصعب في الحياة معها. الحقيقة أننا لا نملك حياة شخصية أو خصوصية مكانية كانت أو أخلاقية. الناس في العالم العربي و العالم الثالث على حد سواء لا يتركون وحيدين أبدا، هم دائما تحت مراقبة جميع من حولهم، لذا كان تكوين أولى أفكاري الخاصة بي هو تمردي الأول و الفعل التحرري الأول كذلك أما حياتي الخاصة جاءت بعد ذلك بكثير . هذا دفعني للايمان بالمساواة بين التفكير و الحرية و كان سهلا بالنسبة لي لاحقا أن أرى في الثورة السياسية أيضا تأكيدا للذات.
Etel Adnan
المقطع مترجم من مقالتها
Growing up to be a woman writer in Lebanon 1986 
Translated by: Noha Hendi
 

Thursday, July 19, 2012

مترجم: شيرين عبادي تكتب: من يُعَرِّف الاسلام الحقيقي؟



شيرين عبادي تكتب: من يُعَرِّف الاسلام الحقيقي؟

شيرين عبادي هي سيدة إيرانية تمتهن المحاماة في مجال حقوق الانسان، حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 2003، و قد تقلدت منصب رئيس محكمة طهران من الفترة 1975-1979 ثم أجبرت على تقديم استقالتها بعد قيام ثورة إيران عام 1979. أسست جمعية لحقوق الطفل، و لها من الكتب " دراسة الجوانب القانونية لحقوق الطفل في إيران (1994)، و تاريخ و توثيق حقوق الإنسان في إيران (2000)".

تجري معها حوار عن مصير الدول العربية من حركة الثورات القائمة بها و مدى تأثيرها على حقوق النساء بها، دينيز كانديوتي أستاذ الدراسات الشرقية و الأفريقية بجامعة لندن.

تقدم حاليا موجة الاحتجاجات و التظاهرات التي يشهدها العالم العربي عددا من الفرص الجديدة و المخاطر، كأحد المناصرات لحقوق المرأة و المدافعات عنها من خلال معاصرة الثورة الايرانية، كيف ترين تلك الاحتمالات؟ 
أود التركيز على مثالي تونس و مصر من بين الدول العربية، للاختلاف الواضح بينهم، تونس على سبيل المثال، تواجد المرأة في المجتمع المدني قوي جدا، فحكومة الحبيب بورقيبة على الرغم من كونها استبدادية إلا أنها روجت للعلمانية و غيرت عدد من القوانين لصالح المرأة. نتيجة ذلك تجد أن وضع النساء في تونس هو الأفضل بين كثير من الدول العربية فهناك سيدات ناشطات في مجال العمل العام كسهير بن حسن، مثال تقدمي للغاية لامرأة تشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان الفيدرالية، واحدة من أكبر منظمات حقوق الإنسان في تونس.

و ماذا عن مصر؟
تواجدت في مصر منذ ثلاث سنوات في زيارة هالني فيها ما رأيته من ازدياد عدد الشابات المحجبات، اللائي ذكرن أن ذويهن لم يكنوا احتراما لهويتهم الوطنية، كانوا جميعا ضد نظام مبارك، كان هناك أيضا حركات معارضة علمانية لكنها لم تصمد كثيرا ضد التحرش و المضايقات، و لأنك لا تستطيع أن تغلق المساجد، فقد قويت شوكة المعارضة الاسلامية بالمقارنة بأي معارضة أخرى، فصار فصيل الاخوان المسلمين هم الأقوى، و لأن مثال ايران مخيف للنساء، فلكي يبددوا تلك المخاوف، أقروا بأن الثورة المصرية لم تكن اسلامية و إنما حركة وطنية تشارك فيها المسلمين و المسيحين جنبا الي جنب، و أنهم سيدعمون نموذج السلطة المدنية، هل سيلتزموا بوعودهم أم يتغير الموقف؟، لازال الوقت مبكرا للحكم. إلا أن النساء المصريات أكثر حظا لأنهن شاهدن ما حدث في الثورة الايرانية و كيف اختطفتها الحكومة الاسلامية و غيرت القوانين و ألغت المكاسب التي حصلت عليها المرأة، و بالتالي فسيقفن للدفاع عن حقوقهن، فلقد كانت ايران درسا للنساء في المنطقة العربية بأسرها.

بماذا تنصحين الحركة النسائية بمصر؟
أهم نصيحة أتوجه بها لهن هي: لا تدعن أي حكومة تضعكن في موقف التخيير بين الحقوق و الاسلام، لا تدعن أحد يضعكن في هذا العمى. الحكومات التي تأخذ من الاسلام عنوانا لها بتعريفها الخاص تضع الشعوب في هذا المأزق و الاختيار الخاطئ حتما، فيسألونكِ هل تتقبلين القوانين و تكونين مسلمة أم تعترضين و تكونين غير مسلمة؟، تلك هي الطريقة التي انتهجتها حكومة إيران، فالمتدين يصيبه هذا السؤال بالارتباك، لذا لا يجب أن نصل للنقطة التي تعطي فيها الحكومة لنفسها الحق في أن تطرح هذا السؤال. الخروج من تلك الدائرة المغلقة هو بالفهم الصحيح للدين و تشجيع النساء لمعرفة مختلف الآراء الفقهية، حتى يأتي الوقت الذي تقول فيه الحكومة للمرأة هذا هو الاسلام، تستطيع بالحجة أن تعارض.

بالفعل، لكن هناك جهات لها سلطة التحدث باسم الدين الاسلامي، العلماء، فهل لو تعلمت النساء سيكون لهن نفس السلطة؟
إنه من الطبيعي أن يكون خطاب العلماء خطابا أبويا، لكننا يجب أن تسلح بالعلم الذي يجعلنا نستطيع اثبات أن الاسلام شئ مختلف عما يزعمون، قد يكون لهم السطوة السياسية و يرفضون اسهامات النساء لكن دعنا نتذكر أننا نوجه الخطاب لأمة الاسلام، أفراد تلك الأمة هم من يجب إقناعهم أن دينهم لا يتعارض مع طموحهم أو القوانين التي يضعونها من أجل ذلك، تلك هي الطريقة الوحيدة لتحدي شرعية العلماء المحافظين، لأنهم يكتسبون قوتهم من طاعة الشعوب لهم. و هناك أيضا نقطة أخرى، و هي أنه هناك جزءا من العلماء يتخذ جانب العامة و يقدمون لهم فقها مقنعا في الاتجاه المعاكس تماما لما تقول به الحكومة، فيصل للشعب حقيقة أن الحكومة لا تملك حق احتكار الاسلام، و تلك هي بداية استيقاظ الشعوب.

هل تعتقدين أن الحركة النسائية في مصر ومنظمات حقوق المرأة ستكون قادرة على تشكيل تحالفات واسعة؟
لو رأت النساء المصريات أن حقوقهن المشروعة في خطر، حتما سيتحدن في النهاية، ذات الأمر حدث في ايران، في بداية الثورة لم يكن أحد يحب الحديث معي لكن مع مرور الوقت، صار الجميع يتحدث و ربما بأصوات أقوى من صوتي، التجربة تقول أن النساء حين يعانين من الظلم يتحدن في صف واحد.

دعينى أمارس الدور السلبي المتشائم هنا، يوجد الكثير من الدساتير الحديثة في الدول العربية تمنح الرجال و النساء حقوق مواطنة متساوية، لكن بالنظر إلي قانون الأحوال الشخصية، تجدي أن النساء لا يتمتعن بحقوق متساوية في الميراث، الطلاق، حضانة الأطفال، ناهيكي عن موضوع تعدد الزوجات، و بالتالي يمكن الجدال مع ما ذكرتيه سابقا أن تلك الحقوق المهضومة لم تجعل النساء يتحدن؟
دعني أصحح تلك النقطة، لا يوجد دستور في الدول العربية يوافق على منح المرأة حقوقا متساوية، لأنها دائما تستند على أن مرجعيتها من الشريعة الاسلامية، و بالتالي فكل الدساتير لها مظهر المساواة بين الرجل و المرأة لكن تظل القوانين معتمدة على الشريعة، و الشريعة يفسرها من هم في السلطة، فيبقى السؤال الذي لا يجد إجابة دائما، من يُعَرِف الاسلام؟

نحن الآن نشهد صياغة دساتير جديدة. كمحامية هل تعتقدين أنه من الممكن أن تكون تلك الدساتير قادرة على معالجة عدم المساواة للمرأة؟
كل هذا يتوقف على العملية السياسية، فالأحزاب السياسية لها دور هام في هذا الصدد ولكن المشكلة في البلدان الواقعة تحت الحكم الاستبدادي لسنوات هو أن الأحزاب السياسية لا تملك تلك الكمية من الطاقة، من ناحية أخرى، يجب أيضا أن نأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الحصول على حقوق مثالية في مجتمع مرة واحدة، بل هي عملية تدريجية. على سبيل المثال، ما حصل في أفغانستان، كتبوا دستورا جديدا منح المرأة حصة في البرلمان، لجلب النساء من العزلة السياسية في العالم. لكننا شاهدنا أنه عندما خرجت المرأة للحديث عن حقوق المرأة في البرلمان، أجبرت على الخروج من البرلمان، في الواقع، فقدت حصة النساء معناها. فمن الممكن أن نتصور أن نتمكن من كتابة الدستور المثالي، لكن هل سيصاحب ذلك تغييرا في القانون؟ أشك.

إذن ما تريدين قوله، أن القانون يصبح فاعلا فقط حين يصبح المجتمع جاهزا له؟
بالطبع، لذلك كمحامية أرى أن القوانين لابد أن تهدف لتطور المجتمع، و تسبق ثقافة أفراده بخطوة للأمام، خطوة واحدة فقط حتى لا تكون مجرد حبرا على ورق، لذا فالقائمون على عملية إعادة كتابة القوانين لابد أن يكونوا على علم واف بطبيعة مجتمعاتهم حتى لا يكتبوا أهدافا مستحيلة التحقق.

كمحامية عن حقوق الإنسان، أتصور أنكِ تأيدين أهداف المساواة بين الجنسين المنصوص عليها في الصكوك الدولية. هل تعتقدين أنه من الممكن سد الفجوة بين الحقوق الممنوحة للمرأة في الأطر العالمية لحقوق الإنسان والأطر القانونية الحالية للبلدان المسلمة؟
نعم ، ولكن هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية تدريجية. مثال، مجتمعات مثل البحرين أو ليبيا حيث تعدد الزوجات أمر شائع، كيف يمكنك تغيير هذا القانون بين عشية وضحاها والحظر التام لتعدد الزوجات؟، الخطوة الأولى هي تمرير قانون يؤكد أن القرآن ينص على هذه الممارسة فقط عندما يمكن تأسيس العدالة المطلقة بين الزوجات، والعدالة لا تتكون فقط من المال والدعم المادي ولكن أيضا من الحب والرعاية. هكذا، يمكن أن يظل تعدد الزوجات لكن بشروط أكثر صرامة، ويكون للزوجة التي تزوج عليها زوجها الحق في الحصول على الطلاق. هذا ليس قانونا مثاليا، بل هو في الحقيقة بعيد كل البعد عن المثالية. ولكنه الخطوة الأولى لجعل المجتمع أكثر استعدادا لقبول مزيدا من التغييرات. أما التغيير الفوري فلن ينتج إلا تزوج الكثير من الرجال دون التسجيل القانوني لتلك الزيجات، و ستبقى النساء صامتة. وأكرر، لا يمكننا كتابة القانون يغير كل شئ بين عشية وضحاها، وإلا ماذا سيكون مصير هذا القانون؟ و هل سيراه الناس في صالحهم؟. إن واجب المحامي أن يعرف جيدا طبيعة المجتمع الذي يسن له القوانين، وفي الوقت نفسه الأخذ في الاعتبار جميع معايير حقوق الإنسان من أجل توجيه المجتمع في هذا الاتجاه.

عندما تقولين "المجتمع" ليس مستعدا، هل تعنين أن الرجال ليسوا على استعداد؟ أم أن العديد من النساء قد يعترض على قانون حظر أو تقييد تعدد الزوجات؟
نعم، تعدد الزوجات أمر خطير مجتمعيا ولكنه يروق للرجال! سأطرح عليكِ السؤال التالي : من أين تأتي السلطة الأبوية؟ هل يتعلمها الرجل من والده فقط؟  أم من رؤيته لطاعة أمه و رد فعلها لاحقا بالذهاب بعيدا لتبكي بهدوء؟ للأسف، أحد حاملي الثقافات الأبوية هن من النساء ، على الرغم من أنهن يقعن ضحايا لذلك. أقارن هذا بمرض الهيموفيليا، سيولة الدم، مرض وراثي ينتقل من الأم إلى الابن، كذلك هي الثقافة الأبوية. حجتي هي : لا تعامل البشر كضحايا ولكن أخبرهم بالمسؤولية التي تقع على عاتقهم لمحاربة تلك الثقافة، و عندما ترى النساء كضحايا فقط، فأنت تتناسى مسؤوليتهن.

سؤال أخير خاص بهذا السياق، لقد تحدثتِ عن ضرورة وجود عملية تدريجية لإصلاح القانون، ولكن هذه العملية مستمرة بالفعل منذ مدة طويلة جدا، على سبيل المثال، اقترح القانون المدني العثماني قانونا منذ فترة طويلة في نهاية القرن 19 يجعل تعدد الزوجات أكثر صعوبة ومشروطا بموافقة الزوجة الأولى، و جرت  اصلاحات مماثلة  في أجزاء كثيرة من العالم المسلم، لكن الخميني كان قادرا على عكس كل تلك الجهود بين عشية وضحاها؟
لا ، لم يغير الخميني القوانين بين عشية و ضحاها و إلا لم يكن ليتواجد أناس مثلي، لقد تغير القانون لأنهم كانوا يملكون السلطة السياسية. لكن المجتمع لم يقبل ذلك، لهذا السبب، حمل الناس حيواتهم على أيديهم وحاربوا ضدها. في البداية لم نكن أعدادا كبيرة لسببين، أولهما سبب سياسي، فكان اليسار وبعض الاحزاب العلمانية تقول أن هذا لم يكن الوقت المناسب لمناقشة هذه المسائل، و أن هذه القضايا الهامشية من شأنها أن تبعدنا عن أهدافنا الرئيسية. و دعى أكبر حزب يساري في إيران النساء لارتداء الحجاب، الذي لم يكن للغرابة اجباريا في ايران و كانت ترتديه فقط النساء اللائي يعملن في الهيئات الحكومية، ولكن في الشارع  كنا نستطيع السير دونه. السبب الثاني هو أنه كان هناك عددا أقل من النساء المتعلمات مقارنة بالآن، وكان رأي الأغلبية متكون في معظمه من النساء التقليدية. تدريجيا خرجت المرأة التقليدية من المنازل، ولدت الحداثة في الشوارع، و المرأة التي تخرج إلى الشارع لا يمكن قمعها، المرأة الجامعة لا يمكن قمعها، المرأة التي تعمل و تتقاضى أجرا لا يمكن قمعها. لذلك ، زاد مؤيدونا تدريجيا و النساء اللائى كنّ في بداية أعدائنا هن الآن أكثر راديكالية منى، وأنا سعيدة بذلك. كنت أشعر بالوحدة في بداية الثورة، لكن الآن أعتقد أننا الأغلبية. ولم تنجح الفصائل الموالية للخميني لنشر ثقافته الموحدة القسرية.

في إجابة سؤالك الماضي ذكرتِ دعوى الأحزاب العلمانية أن حقوق المرأة هي مسألة ثانوية، وأنه ليس هذا هو الوقت المناسب لوضعها على جدول الأعمال، وكذلك سلبية بعض النساء التقليدية في العالم العربي، هل تعتقدين أن الطريق الذي مضت به إيران هو الطريق المقرر على كل نساء البلاد العربية؟
لا يجب علينا جميعا أن نعيد اختراع العجلة، لابد من التعلم من تجارب البلاد الأخرى، و هنا تأتي فائدة ثورة الاتصالات بين الدول و لهذا يكرهها الحكام بشدة.

إذن فأنتِ متفائلة بشأن مستقبل الحركات النسائية  المناصرة لحقوق المرأة في تونس ومصر؟
نعم أنا متفائلة تجاه الوضع، ربما في تونس أكثر من مصر، لكن على أي الأحوال سيحصلن على حقوقهن، و إن بعد فترة من الوقت، لكنه حتما سيحدث.

هل ترين يوما ممكن أن تخرج فيه مظاهرات للمطالبة بحقوق المرأة تضم الرجال بجانب النساء؟
نعم، وبالتأكيد في ايران، لقد كان لي بعض الزبائن الذكور الذين جاءوا لمظاهرات النساء، و تم القاء القبض عليهم و زج بهم في السجون. إن الكفاح من أجل حقوق المرأة والديمقراطية وجهان لعملة واحدة، والنساء اللائى يناضلن من أجل المساواة في الحقوق هن جزء من نسيج الديمقراطية. لقد فهم الرجل الايرانى هذا و أدرك أن الانتصار لحقوق المرأة هو بداية الديمقراطية.

لقد احتشد النساء في الشوارع العربية من خلال الاحتجاجات في شارع بورقيبة في تونس، وميدان التحرير في القاهرة. ولكن حدث هذا من قبل. ما هو الضمان أنهم لن يدعين للرجوع للمنازل مرة أخرى بعد تغيير النظام؟
لا يوجد أي ضمان، و تلك هى تجربة المرأة الإيرانية التى تناضل من أجل حقوقها لمدة قرن الآن. الضمانة الوحيدة هي إرادة الشعب في بحثهم عن الحرية.
ترجمة: نهى العربي
لقراءة الحوار بالانجليزية
http://www.opendemocracy.net/5050/shirin-ebadi/shirin-ebadi-who-defines-islam

Tuesday, July 17, 2012

النساء كأدوات للمتعة الجنسية

As long as male film directors were working in a society untouched by feminist criticism, they could easily indulge in their inclinations to represent member of the opposite sex as sex objects.
Griet Vandermassen from his paper "Woman as Erotic Object: A Darwinian Inquiry into the Male Gaze"

طالما وجد المخرجون من الرجال أنفسهم في مجتمع لا يمسه النقد النسوي فسيكون من الأسهل لهم دائما تقديم النساء كأدوات جنسية

 جريت فانديرماسين من بحثه
 "الأنثى كأداة ايروتيكية: بحث داروني عن طبيعة التحديق الذكوري"

Monday, April 30, 2012

منى غدار تكتب: نريد المزيد من النساء الأقوياء



كنت في السادسة عشر من عمري حين لاحظت لأول مرة أن والدي مرتعب مني. كنا في ذلك الوقت في محل بقالة في مدينتي بجنوب لبنان، مر بي زميلي في الفصل و حياني و كل ما فعلته هو أنني رددت عليه التحية و ابتسمت، لكن كانت تلك الابتسامة كفيلة بإثارة الرعب في نفس أبي الذي قضى الليل يصرخ و يضرب رأسه بالحائط لأنه لم يرد أن يضربني، لقد تحولت فتاته الصغيرة إلي امرأة تملك عاطفة جنسية طبيعية لا يستطيع أن يتحكم بها.
كنت امرأة يمكن أن تلحق به العار إذا تحدثت مع الرجال في الحيز العام، رد فعله أثار بنفسي و عقلي إعصار من الأفكار و المشاعر المتضاربة، لكن في وسط هذا الاضطراب و الخوف العميق أحسست برعشة داخلية غريبة كمن يمتلك قوة
السنوات اللاحقة التي تلت تلك الحادثة استخدمت فيها قوتي ضده و ضد أي شئ سلطوي أبوي في المجتمع، رفعت تدريجيا توقعاته و معها مخاوفه، تنبهه الدائم لي و لجسدي زاد من قمعه لي لكنه كان بدافع من الخوف الذي أوضح ضعفه و جعلني أدرك أنني أستطيع هزيمته.
هكذا بدأت أقدّر النساء الأقوياء اللائي يمتلكن الشجاعة الكافية لتحطيم القيود التي تسيطر على أجسادهن مؤكدات على كرامتهن و ليس خجلهن، هؤلاء النساء لسن خائفات من مواجهة الرجال في المجال العام و تحويل أجسادهن من رمز للخزي إلي أيقونات من الكرامة و احترام الذات، تلك هي الأمثلة التي نحتاجها الآن و بشدة و إلا لن يكتمل الربيع العربي و تبقى النساء كما عبرت منى الطحاوي في مقالها "الفئة الأكثر ضعفا في مصر و المنطقة"
حينما نزعت النسوية المصرية هدى شعرواي غطاء وجهها في 1923 حالما وصلت محطة قطار القاهرة بعد رجوعها من رحلة إلى روما، كان حدثا صادما انتقدت من أجله كثيرا لكن الفعل كان علامة أرّخت لدخول المرأة المصرية في الحياة العامة، و على قدر ما كان الفعل صادما إلا أن الصدمة جعلت من التغيير ممكنا.
منى الطحاوي محقة، إنهم يكرهوننا، لكنهم يخافونا منا أيضا كما يخاف معظم الديكتاتوريون و نحن نستطيع هزيمتهم كما هزمنا و سنستمر في هزيمة كل الطغاة، اليوم تضاعف خوفهم من الشعب بعد الثورات التي حدثت و يمكن لنا أن نستغل هذا الخوف في صالحنا.
القوات السورية تغتصب نساء سوريا لتلطخ حاضر و مستقبل السوريين بالخزي و العار، تلك هي طريقتهم في بيان خوفهم من الجموع المحتشدة في الشوارع لكن الأمل يكمن في التناقض الذي تحمله أفعالهم، يجب أن نحاول باستمرارية الاعتراض على الوضع الراهن مستخدمين كل الوسائل التي نملكها لزعزعة خوفهم من أجسادنا و تحدي المثلث الذي طالما تحكم في النساء لقرون: الدولة، المؤسسات الدينية و رب المنزل.
تسعون عاما منذ أن نزعت هدى شعرواي غطاء وجهها أمام الناس، علياء المهدي من مصر و مريم نمازي من ايران قررا أن يطلقا العنان لنموذجهما الخاص من النضال الاجتماعي في الدفاع عن حقوق المرأة. علياء نشرت لنفسها صورة عارية على شبكة الانترنت و مريم صنعت نتيجة سنوية كاملة من صور النساء العاريات و التي وصفتها ب "صرخة ضد كراهية النساء" لكن فوجئت أن معظم من عارضوا فكرة النتيجة كن من المدافعات عن حقوق المرأة اللائي قلن أنها هي و علياء شوهنّ الثورات بأفعالهما.
الرسالة الأساسية خلف تلك الممارسات وسط زوبعة النقد فُقدت و ربما هذا هو تحدينا الأساسي، النساء مازلن لا يقدرّن القوة التي يحملنها و يتخيلن أنهن غير قادرات على استخدامها في كسر الهيمنة الذكورية على المجتمع، مازلن يعتبرن أنفسهن كائنات عاجزة تحتاج الحماية المستمرة من الرجال. لكي نستحوذ على قوتنا لابد أن نتقبل كل أشكال الحريات بما فيها حرية التعبير و التي ليست عن الصواب و الخطأ و لكن عن الحق في الاختيار بما فيه الحق في اختيار و استخدام جنسانيتنا.
نحتاج إلى المزيد من النساء الأقوياء

  
 ترجمة: نهى العربي
من عدد مجلة السياسة الخارجية الأمريكية
المقال بالانجليزية
http://www.foreignpolicy.com/articles/2012/04/24/debating_the_war_on_women?page=0%2C3#.T53lyPo1-SM.facebook

منى الطحاوي : لماذا يكرهوننا (الحرب الحقيقة على النساء في الشرق الأوسط)



أليفة رأفت الكاتبة المصرية المهملة كثيرا في ذكر كتابتها، تكتب في مجموعتها القصصية "بعيدا عن المئذنة" قصة قصيرة عن امرأة لا تستمع بممارسة الجنس مع زوجها الذي يركز فقط على استمتاعه هو، و أثناء الممارسة تركز هي على شبكة عنكبوت تراها في سقف الغرفة و تفكر أنه يجب إزالتها و تتأمل رفض زوجها المتكرر لإطالة مدة الجماع حتى تصل هي أيضا للذروة "متعمدا حرمانها". و كما ينكر الزوج عليها أن تحصل على نشوة جنسية، يقاطعه أيضا صوت الآذان" ليرحل عنها. تغتسل و تندمج في صلاتها لدرجة الاشباع حتى أنها لا تطيق الانتظار لآداء الفرض التالي، تنظر من شرفتها للشارع، تقطع تأملها و تذهب مدفوعة باخلاص الواجب لعمل القهوة لزوجها ليشربها بعد أن يستيقظ من قليولته..تأخذها للغرفة لتصبها أمامه كما يفضل، لكنها تكتشف أنه مات، فتخبر ابنها أن يذهب لاحضار طبيب ثم تتركه، تكتب أليفة "عادت إلى الصالة لتجلس و تصب لنفسها فنجان القهوة متعجبة من الهدوء التي كانت عليه".
و تطرح أليفة في ما يقرب من ثلاث صفحات و نصف ثلاثية من الجنس و الموت و الدين، ثلاثية تسحق أمامها الانكار و الدفاع المكرر لتصل إلى قلب كراهية النساء في الشرق الأوسط، لا يوجد مصطلح آخر أكثر رقة للتعبير، إنهم لا يكرهوننا بسبب حرياتنا كما يقول الكليشيه الأمريكي ما بعد 11 سبتمبر لكننا لا نملك حريات بسبب كراهيتهم لنا، كما تقول تلك السيدة العربية الشجاعة:
نعم: إنهم يكرهوننا. لابد أن يقال ذلك
قد يتساءل البعض لماذا أناقش هذا الآن، في وقت استيقظت فيه المنطقة العربية ليس فقط بسبب كراهيتنا المعتادة لأمريكا و اسرائيل و لكن بطلب عام و مشترك بالحصول على الحرية، على كل حال، أليس من المنطقي أن يحصل كل شخص على حقوقه الأساسية قبل أن تطالب النساء بمعاملة خاصة؟ و ما علاقة النوع، أو ربما الجنس هنا تحديدا، بالربيع العربي؟ لكنني لا أتحدث عن جنس مخفي بعيدا في أركان مظلمة و غرف نوم مغلقة، أنا أتحدث عن ضرورة هدم نظام سياسي و اقتصادي كامل يعامل نصف الانسانية كالحيوانات تماما كما هدم كيانات طاغية كانت تحول بين دول المنطقة و مستقبلها. إن ثورتنا لن تبدأ حتى ينتقل الغضب الجارف من ممارسي القمع في القصور الرئاسية إلي نظائرهم في شوارعنا و منازلنا.
لذا نعم، بالفعل كل النساء في العالم لديها مشكلات، نعم، بالفعل الولايات المتحدة الأمريكية لم ترشح سيدة لمنصب رئاسة الجمهورية حتى الآن، و نعم، بالفعل مازالت العديد من المجتمعات الغربية تشيئ النساء (و التي أحيا بإحداها)، وهذا هو ما تنتهي له المناقشة عادة حينما تريد مناقشة لماذا تكره المجتمعات العربية النساء.
لكن دعنا نضع جانبا ماذا تفعل و ماذا لا تفعل الولايات المتحدة الأمريكية للنساء، سمِّ لي دولة عربية واحدة و سأقوم بذكر سلسلة من الانتهاكات المشعلة بمزيج سام من الثقافة و الدين التي يبدو أن القليلين قادرون أو مستعدون لذكرها خشية الاساءة و التفكير. حين يكون أكثر من تسعين بالمائة من النساء المتزوجات في مصر – منهم والدتي و كل من اخواتها الست ماعدا واحدة- قد تم تختينهن بدعوى الفضيلة، إذن بالتالي فجميعنا كفار. حين تتعرض النساء المصريات لكشوف العذرية المهينة فقط لأنهم تحدثن بشجاعة لم يعد هناك وقت للصمت، حين تذكر مادة بالقانون المصري الجنائي أنه إذا ضربت سيدة على يد زوجها و كانت "نواياه حسنة" لا يتم توجيه عقوبة له فلتذهب السياسات الموضوعة نظريا للقضاء على التمييز ضد النساء إلى الجحيم، و ما هو تعريف "النوايا الحسنة" هو المصطلح الذي يعتبر أن أي اعتداء بالضرب ما لم يكن "مبرحا" أو "يصيب الوجه" هو اعتداء قانوني.
كل ما سبق يعني أنه حين نأتي على ذكر حال النساء في الشرق الأوسط فهو ليس افضل من ذلك بل أسوأ بكثير، حتى بعد كل تلك الثورات، لا أحد يهتم مادامت النساء كلهن محتشمات، داخل المنازل يفتقرن للتحرك البسيط بسياراتهن الخاصة و مرغمات بأخذ إذن الزوج للسفر بالخارج و غير قادرات على الزواج دون موافقة الولي أو حتى الطلاق.
لم تسجل دولة عربية واحدة في الدول المائة الأولى في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عن "الفجوة بين الجنسين" واضعين المنطقة العربية ككل في القاع ،غني أو فقير جميعنا يكره النساء. على سبيل المثال المملكة العربية السعودية و اليمن جيراننا قد يكونوا على مسافة دهور من الغاء الفرق بين الجنسين حسب التقرير، فلقد حصلت السعودية على الموقع ال 131 و اليمن في ال 135 من اصل 135 دولة. المغرب المعروف عنها بقانون الأحوال الشخصية "التقدمي" و التي تحدث عنها خبراء الغرب في تقرير عام 2005 بأنها "مثال للدولة المسلمة القادرة على الاندماج في العالم الحديث" أخذت المركز ال 129 و وفقا لتصريح وزارة العدل المغربية فقد تزوجت 41.098  فتاة تحت سن الثامنة عشر في عام 2010.
إنه لمن اليسير معرفة سبب مجئ اليمن في ذيل القائمة، حيث 55 بالمائة من النساء غير متعلمات و 79 بالمائة لسن قوى عاملة و تمثلهن امرأة واحدة فقط في البرلمان من أصل 301 عضو. التقارير الاخبارية تخبرنا بفظاعة خبر وفاة فتاة تبلغ من العمر 12 عام و هي تضع طفلا، لم تعد مثل هذه الأخبارعلى الاتجاه المتنامي و المستمر في زواج الأطفال هناك، بل على النقيض تندلع مظاهرات مؤيدة لهذا الزواج ضد من المعترضين تغذيها تصريحات رجال الدين بأن المعترضين ما هم إلا مرتدون لأن النبي محمد – وفقا لهم- تزوج زوجته الثانية عائشة حينما كانت طفلة.

لكن على الأقل اليمنيات يقدن السيارات، بالطبع هذا لا ينهي بقية المشاكل لكن يرمز للحرية و التي يتردد صداها أكثر من حالة المملكة العربية السعودية حيث يمارس زواج الأطفال و تعتبر النساء أقلبة بغض النظر عن السن أو مستوى التعليم. النساء السعوديات يفقن عدد الذكور في الجامعات لكن مازلن ينظر إليهن في مرتبة أدنى لا يمكن أن يتحكمن من خلالها في مناحي حياتهن.
نعم، المملكة العربية السعودية هي الدولة التي تعرضت فيها سيدة مغتصبة من مجموعة من الرجال للسجن لأنها ركبت سيارة مع ذكر ليس من أقاربها و احتاجت لعفو ملكي، المملكة العربية السعودية هي الدولة التي حكم فيها على سيدة اخترقت حظر قيادة السيارات على النساء بعشر جلدات و مجددا احتاجت لعفو ملكي، المملكة العربية السعودية التي مازالت لا تملك فيها النساء حرية التصويت أو الترشح للانتخابات، إلا أن هناك "تقدما" منتظرا يعد فيه مرسوم ملكي بمنح حق الاقتراع في انتخابات رمزية محلية- انتظرها- في عام 2015. السئ في الأمر أن تلك الربتات الأبوية الصغيرة التي حصلت عليها النساء قوبلت بترحيب شديد و امتنان من العاهل السعودي الملك عبد الله الذي يتم وصفه بأنه مصلح إجتماعي حتى ممن يفترض بهم أنهم يعرفون أفضل – مجلة النيوزويك- التي اختارت الملك عبد الله في عام 2010 من أكثر أحد عشر قائدا عالميا محترما، هل تريد أن تعرف ما مدى سوء هذا الأمر؟ لقد كان رد فعل الملك "المصلح" تجاه الثورات التي تفور بها المنطقة العربية هو تخدير الناس بالمزيد من المساعدات الحكومية خاصة الجامعات السلفية المتشددة و التي تكتسب منها العائلة المالكة السعودية شرعيتها. الملك عبد الله يبلغ من العمر 87 عاما، انتظر حتى ترى خليفته، الملك نايف، رجل قادم من العصور الوسطى، كراهيته للنساء و تشدده يجعل الملك عبد الله يبدو بجانبه و كأنه سوزان انتوني.

إذن لماذا يكرهوننا؟ الجنس أو بالتحديد غشاء البكارة يوضح الكثير.
"يظل تركيز المتشددون على المرأة لغزا بالنسبة لي" هذا ما قالته مؤخرا هيلاري كلينتون، "لكن كلهم يبدون لي، ليس مهما أي دولة ينتمكون إليها أو أي دين يتبعون، يظل اهتماهم هو التحكم في النساء" (حتى و إن كانت هيلاري كلينتون تمثل إدارة تدعم بشكل واضح الكثير من ممارسات كراهية النساء). إن هذه المحاولات للسيطرة على المرأة من قبل هذه الأنظمة تتفرع من الشك أنه بدونها تصبح المرأة على بعد خطوات معدودة من الشره الجنسي. لاحظ يوسف القرضاوي، رجل الدين المحافظ المشهور و المضيف لأحد برامج الجزيرة و الذي أبدى ولعا بثورات العالم العربي مدركا أنها ستنجح في إزالة الطغاة الذين لطالما قمعوه هو و حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها فكريا.
أستطيع أن أذكر لك مجموعة من المهوسيين بنموذج المرأة النهمة التي لا تستطيع أن تتحكم في شهوتها، لكنني أناقش هنا التيار الفكري العام الذي يمثله القرضاوي و الذي يستمع له عدد كبير من مشاهدي للفضائيات و غيرهم. على الرغم من أنه يقول أن ختان الإناث (و الذي يطلق عليه لفظ "طهارة" كناية لفظية لطيفة لتضعه على قدم المساواة مع طهارة الذكور) ليس فرضا لكنك ستجد تلك الملاحظة المهمة في إحدى كتبه حيث يقول: "أنا شخصيا أدعم الختان تحت الظروف الحالية في العالم الحديث. أي شخص يرى أن الختان سيكون الوسيلة المثلى لحماية بناته يجب أن يفعله" و يضيف "الرأي الوسطي هو في صف ممارسة الختان للحد من الفتنة"، و بالتالي حتى بين الوسطيين، الأعضاء التناسلية للفتيات لابد أن تستأصل للتأكد من كبح رغبتهن في مهدها. أصدر القرضاوي فتواه ضد ختان الإناث إلا أنه لا عجب أنه على الرغم صدور قانون يحظر هذه الممارسة في مصر منذ عام 2008 و الذي عارضه بعض مشرعي الإخوان المسلمين في وقته و مازالوا يعارضونه بما فيهم البرلمانية عزة الجرف.
و بالرغم من هذا فالرجال هم الذين لا يستطيعوا التحكم في أنفسهم في الشوارع، التحرش الجنسي صار وباءا ينتشر من المغرب إلى اليمن و بسببه تحجبت الكثير من النساء. مصر تملك عربات مترو مخصصة للسيدات لحمايتهم من الأيادي المتطفلة و ما هو أسوأ، العديد من المراكز التجارية السعودية للنساء فقط ممنوعة على الرجال من دخولها إلا بإذن من الفتاة ليصحبها أحدهم.
دائما نستمع إلى أن الأنظمة الاقتصادية الفاشلة لدول الشرق الأوسط هي السبب في عدم زواج الرجال بل و يعزو البعض إرتفاع معدلات التحرش في الشوارع لنفس السبب. يبرز استطلاع الرأي الذي قام به المركز المصري لحقوق المرأة في عام 2008 أن 80 بالمائة من السيدات المصريات تم التحرش بهن و 60 بالمائة من الرجال اعترفوا بارتكاب التحرش إلا أننا لا نسمع كيف يؤثر تأخر سن الزواج على المرأة، هل تستثار النساء جنسيا أم لا؟ يبدو أن الحكم العربي مازال قائما على أسس البيولوجي.
تأمل الآذان الذي انطلق في قصة أليفة رفعت و الصلاة التي اندمجت فيها في صورة من الخضوع التام من خلال الدين و التي عبرت عنه بصورة عبقرية، هذا الخضوع لا يختلف عن رجال الدين الذي عينهم النظام ليقوموا بتهدئة الفقراء في العالم العربي بوعود من العدالة و الحور العين في الآخرة دون التفكير في محاسبة الفاسدين أوانتقاد محاباة الديكتاتوريين لأقاربهم في الحياة الدنيا، لتجد أن النساء يتم اخراسهن بتركيبة قاتلة لرجال يكرهونهن مدعين أن الله يقف في صفهم.
أعود مرة أخرى للمملكة العربية السعودية ليس فقط بسبب أنني حين تعاملت معها في سن الخامسة عشر صدمت في الحركة النسائية- لا يوجد وسيلة أخرى للتعبير عن الأمر- لكن بسبب أن المملكة لا ترى حرجا في عبادتها لاله يكره النساء و لا تعاني من أي آثار مترتبة على ذلك نتيجة لامتلاكها المزدوج لميزتين وجود البترول و أكثر ماكنين مقدسين في الاسلام، مكة و المدينة.
في ذلك الوقت – الثمانينيات و التسعينيات- كما الآن، كان رجال الدين على التلفزيون السعودي مهوسين بأجساد النساء و فتحاتهن خاصة ما يخرج من تلك الفتحات. لن أنسى قط سماع أنه لو بال طفل ذكر عليك لا داعي للاغتسال و يمكن الصلاة في نفس الثياب في حين أنه لو كان بول فتاة فلابد من الاغتسال و تغيير الثياب. ماذا يجعل من بول الفتاة نجسا؟ تساءلت حينها!
 
كراهية النساء
إلي أي حد تكره المملكة العربية السعودية النساء؟ يبدو كثيرا في حادثة وفاة خمسة عشر فتاة في حريق نشب بمدرسة بمكة في عام 2002 حينما منعتهن شرطة الأخلاق من الخروج من المبنى المحترق و تركتهن في الداخل دون أي محاولة للانقاذ لأن الفتيات لم يكن يرتدين الحجاب و العباءات اللازمة للتواجد في الشارع. و لم يحدث شئ، لم يتعرض أحد للمحاكمة، و صمت الآباء في ذلك الحين. التغيير الوحيد الذي واجه رعب الفتيات هو أن مسئولية تعليم الفتيات نقلها الملك عبد الله بهدوء من أيدي السلفيين المتشددين إلا أنهم حافظوا على سيطرتهم عليها كما يحكمون قبضتهم على نظام التعليم العام في المملكة بوثيقة رسمية.
هذه ليست ظاهرة سعودية فحسب أو فضول كاره لأغنياء الصحراء المنعزلة. هذه الكراهية الاسلامية للنساء تبدو واضحة في المنطقة الآن أكثر من قبل.
في الكويت ظل الاسلاميون يحاربون حقوق المرأة، و حين نجحت أربع نساء في الوصول لمقاعد في البرلمان طلب من اثنتين منهن لم يكونا يرتديا الحجاب أن يرتدوه و حين تم حل البرلمان في ديسمبر الماضي طالب برلماني اسلامي البرلمان الجديد – الذي لم يضم امرأة واحدة- بمناقشة مقترح قانون لل " الملابس اللائقة" للنساء.
في تونس التي تعتبر أقرب إلى منارة التسامح الديني في المنطقة، حبست النساء أنفاسهن بعد حصول حزب النهضة الاسلامي على أكبر عدد من الأصوات في الجمعية التأسيسية للبلاد. قادة الحزب تعهدوا باحترام قانون الأحوال الشخصية لتونس الصادر عام 1956 و الذي يعلن "مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة كمواطنين و يمنع تعدد الزوجات" لكن اساتذة الجامعة من النساء و الطالبات اشتكين مؤخرا من المضايقات و الاعتداءات التي يتعرضن لها من قبل الاسلاميين لارغامهن على ارتداء الحجاب، في الوقت الذي تتساءل فيه العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة عن كيفية تاثير القانون الاسلامي على القانون الفعلي الذي سيعشن بمقتضاه في تونس ما بعد الثورة.
في ليبيا، أول ما فعله رئيس الحكومة الانتقالية، مصطفى عبد الجليل، أنه وعد بازالة العوائق التي فرضها النظام الطاغي السابق على تعدد الزوجات و حتى لا تظن أن معمر القذافي كان نسويا من أي نوع، فلتتذكر أنه في عهده كان الفتيات و النساء اللائي ينجين من حوادث الاغتصاب أو "جرائم الشرف" كن يودعن في "مراكز تأهيل" و التي كانت بمثابة السجن حيث لا يمكن أن يخرجن منها إلا إذا وافق رجل على تزوج إحداهن أو أرادت أسرتهن عودتهن مرة أخرى.
ثم هناك مصر، حيث في أقل من شهر من تنحي الرئيس حسني مبارك و استبداله بالمجلس العسكري الذي تقلد مقاليد الحكم مدعيا ظاهريا بأنه "حمي الثورة" ذكرنا عن غير قصد بالثورة التي نحتاج نحن النساء لنقوم بها. بعد أن ترك المتظاهرون ميدان التحرير تم القبض على العشرات من النشطاء الرجال و النساء و الاعتداء عليهم جيمعا بالضرب و التعذيب كما نعلم، لكن احتفظ الظباط ب "كشوف العذرية" للنشطاء من النساء، اغتصاب متنكر في صورة طبيب يقوم بغرس أصابعه في فتحات مهبل تلك الفتيات باحثا عن غشاء البكارة. (تم مقاضاة الطبيب و لكن أطلق سراحه لاحقا في شهر مارس)
أي أمل يمكن أن تتمتع به النساء في البرلمان المصري الجديد المسيطر عليه من قبل رجال يعيشون في القرن السابع؟ ربع عدد المقاعد الآن يتحكم بها السلفيون الذين يؤمنون بأن محاكاة الطرق الأصلية التي قام بها النبي محمد هي الطريقة المثلى للحياة الحديثة. الخريف الماضي وضع حزب النور السلفي صورة زهرة مكان كل صورة لمرشحة عن حزبه في انتخابات مجلس الشعب، النساء لا يجب أن تتم رؤيتهن أو سماعن لأن حتى أصواتهن عورة و بالتالي ها هن في البرلمان المصري مغطيات من الرأس للقدم لا يتفوهن بكلمة.
كل هذا يحدث و نحن مازلنا في منتصف الثورة في مصر! إنها ثورة شاركت فيها النساء، قتلن، ضربن، تم التحرش بهن و ناضلن بجانب الرجال للتخلص من سلطة مبارك إلا أنه مازال هناك العديد من "مبارك" مازالوا يقمعوننا. الاخوان المسلمون الحائزون على ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان في برلماننا الثوري الجديد لا يؤمنون بأن المرأة ( و الأقباط أيضا) لا يمكن أن يتقلدن الرئاسة. مسئولة لجنة المرأة في حزب الاخوان المسلمين صرحت مؤخرا بأن المرأة لا يجب أن تتظاهر أو تعتصم لأنه من "الكرامة" أن تترك هذا الأمر لزوجها أو أخواتها.
كراهية النساء لها عمق أكبر في المجتمع المصري، هؤلاء منا من شاركن في مسيرات و تظاهرن كان عليهن عبور حقول ألغام من التحرشات الجنسية من قبل النظام و أذنابه، و للأسف، أحيانا من زملائهن الثوار. لقد تم التحرش بي جنسيا في شهر نوفمبر الماضي بشارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير على يد على الأقل أربعة من ظباط قوات مكافحة الشغب، و في الوقت الذي نحن حريصون فيه على فضح محاولات التحرش من النظام السابق، نصمت عن محاولات التحرش من المواطنين الذين نعتبرهم أعوان للنظام السابق أو من بطلجيته حتى لا نلوث الثورة.

إذن ماذا نفعل؟
أولا لنتوقف عن الادعاء، سمّ الكراهية بمسماها، قاوم الثقافة النسبية و اعلم أن حتى في الدول التي شهدت ثورات مازالت النساء فيها بضاعة رخيصة. أنتم – العالم الخارجي- سيتم اخباركم أنها "ثقافتنا" و "ديننا" ما يأمرنا بفعل كذا و كذا و كذا للنساء. فلتعلموا أن من برر ذلك لم يكن قط امرأة. الثورات العربية قد تكون أشعلت جذوتها رجل –محمد بوعزيزي- البائع المتجول الذي أشعل النار في نفسه من اليأس لكن من أنهاها كانوا النساء.
أمينة فيلالي، الفتاة المغربية ذات ال 16 عاما التي تجرعت السم بعد أن تم ارغامها على الزواج من مغتصبها هي بوعزيزي الخاص بنا، سلوى الحسيني أول امرأة مصرية تتحدث علنا عن كشوف العذرية، سميرة إبراهيم أول من رفعت قضية في هذا الأمر و رشا عبد الرحمن التي شهدت بجانبها، كلهن "بوعزيزي". لا يجب أن ننتظر حتى يمتن ليصيروا بوعزيزي جديد، منال الشريف التي قضت تسعة أيام في السجن من أجل اختراق حظر قيادة السيارة للسيدات هي "بوعزيزي السعودية" لقد كانت امرأة واحدة ثورية دفعت ضد محيطا من كراهية النساء.
إن ثوراتنا السياسية لن تنجح إلا إذا قابلها ثورات في الفكر الاجتماعي، الجنسي و الثقافي للاطاحة بمبارك الذي يرقد في عقولنا و في غرف نومنا.
هل تعلم لماذا تعرضنا لكشوف العذرية؟ سألني إبراهيم بعد ساعات من مسيرة كانت في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس، "إنهم يريدون إخراسنا، يريدون الدفع بنا للعودة للمنازل مرغمات، و لكننا لن نذهب إلى أي مكان". نحن أكثر من مجرد أغطية رأس و أغشية بكارة، استمع لمن يحارب منا، لقد كان هناك وقتا يعتبر فيه الاسلامي هو أكثر شخص تعرضا للأذى في مصر و تونس، الآن قد تكون المرأة هي البديل كما كانت دوما.

 ترجمة: نهى العربي
المقال من عدد مجلة السياسة الأمريكية