Wednesday, December 25, 2013

عن المرأة...مهاب نصر


الكلام ده تعليقا يعني على اللي بيتقال كل شوية عن حق المرأة في الدستور والمساواة وحرية المرأة وكل الكلام اللطيف ده واللي أكيد كلنا بنحترمه، وبنأكده بقدر ما هو مالوش علاقة بأي قضية حقيقية سواء تخص المرأة أو غيرها .. مع العلم ان مصلحة المرأة نفسها، أحيانا ولو نفسيا، إظهارقضيتها كما لو كانت فعلا هي الحرية والمساواة. وباستثناءات نادرة جدا ممكن التشكيك في الفكرة دي ويمكن نفيها كمان.
من الطبيعي إننا نستعبط على بعض (امال هي الحياة ما بتطورش ليه؟ والمشاكل بتتكرر ليه؟). ومهم جدا نقول في أي مقال أو برنامج أومنهج تعليمي (لقد أثبتت المرأة وجودها في الحياة العامة ندا للرجل وأصبحت مهندسة وطبيبة ونالت حقوقها ومكانتها السياسية فصارت عضوا بالبرلمان، وسفيرة ووزيرة" وممكن طبعا ايجاد جذور تاريخية للفكرة (زي ما بنعمل في كل حاجة باعتبارها حصلت قبل كدة) فالاسلام كرم المرأة واداها حتة حلوة من الميراث..ووو..
لكن ليه ما تروحش تعرف المرأة من حتة تانية خالص، قصدي شوفها بتسمع الأغاني ازاي وبتفهمها ازاي؟ وشوف طبيعة استدلالها بيها (كأنها حقيقة) لترسيخ دور هو على النقيض تماما من كل الكلام اللي فات. وممكن تلخيص الدور المستتر ده في عبارة نجاةالظريفة "أنا باستناك".
بداية احترز من إن كلمة "المرأة" تفهم على إطلاقها، احنا بنتكلم على امرأة منتمية لمكان وتاريخ محددين عشان ما حدش يخش لنا في حكاية الذكورية والنبي.
أولا فكرة مطلب المساواة بيفكرني بالثورة (معلش نلف نلف ونرجع لها) بمعنى هل الثورة تطالب أم تصنع؟ وكذلك هل تطالب المرأة "الرجل" بالمساواة أم تصنعها ليس باعتبارها جنسا في مواجهة جنس، بل باعتبارها إنسانا أيا كان جنسه؟ أنا اتكلمت قبل كدة عن فكرة الندية اللي مش عاجباني خالص والحقيقة إنها ملاءمة للجتمع البرجوازي االلي يوقعك أسير فردية غير مبررة ولا معقولة أصلا، ومعقوليتها تستند إلى فرضية "اشتغل واتمتع يا حمار"
فكرة أن المرأة صارت وزيرة وسفيرة وسائقة تاكسي وزعيمة عصابة لا أعرف إن كانت مدعاة للسعادة أم لا، لأنها ببساطة مبنية على مضاهاة حياة الرجل، فالمساواة أن أكون "مثلك" في نفس الوظائف التي تقوم بها، أي بالاعتراف الضمني بأن"حياتك" هي "الحياة". تدخل المرأة ميدان المجتمع البرجوازي نفسه الذي صنعه الرجل وتعتبر بذلك أنها تحررت أي صارت نسخة مشوهة من فكرة مشوهة بدورها عن الحياة، الحياة كمصنع للعمل، الحياة كحالة من التعرّق والنجاح، وطمعا من المتعة الشرسة المتنبهة دائما لمواعيد الاستيقاظ.
آجي للنقطة الأهم نقطة الزمن اللي موجودة في أغنية نجاة "أنا باستناك". سيبك من الكلام الهجص اللي بيتقال على مستوى النخبة (والله أعلم هي نفسها  مصدقاه ولا لأ.. ولأي مدى؟)
في أي علاقة تمنح المرأة الرجل مهمة تبرير الزمن، احساسها الدائم بالملل نابع أصلا من فكرة ان حياتها انتظار (بالمناسبة حتلاقي ده حتى في طريقة حركة الجسم) رغم ان فكرة الملل نفسها مركزية حياة البشر رجالة وستات .
الزمن فارغ (مهما كان مليان بعمل وشغل وحياة ما تبرروش إطلاقا.. قصدي بالنسبة لها) وفي نفس الوقت هو مسؤولية راجل ما. وبقدر ما الزمن مهمة الراجل بقدر ما بتحط نفسها بالنسبة له كموضوع أساسي لتحقيق زمنه الخاص.
لكن يبقى زمن الراجل  نفسه غير مبرر "زيه زي أي إله منه للسما"..والسؤال هو : مش من حق الراجل برضه انه يلاقي حد يبرر له الزمن ويديله معنى؟بمعنى  آخر انه يكون هو نفسه موضوع لحد عامل لنفسه زمن خاص.؟ اعتقد (رغم اني ما بحبش الكلمة دي) ان في شيء مطلوب قبل المساواة أو معاها ما اعرفش، العودة لأصل، أصل اكتشاف البني آدم للملل، الأصل اللي حول الغريزة لحب واللي خلى ضروري أيجاد معنى للحياة، واللي خلى الزمن كانه مسار مستقل عنا  بنستعيد امتلاكه.

في لحظة هنا ضايعة،  لحظة التأليه الحقيقي اللي له معنى، تأليه اتنين لبعض، تاليه حاضر ومسؤول، مادي ومعنوي، جسم وفكرة، بدل ما كل واحد يؤله وسيط مسبق سماوي أو أرضي ديني أو برجوازي. وما اظنش انفي أي تغيير حقيقي يحصل الا بده مش بس اجتماعي حتى سياسي وبشكل جذري. الكلام ده مش بيحمل مسؤولية لطرف لأن مش ده الهدف أبدا وإن كان موضوعه المرأة لأنه التدليس والرياء الاجتماعي فيه لا يحتمل.


..............................................................
 إضافة 

البنت اللي كتبت عنها بوست من فترة كانت ساعات وأنا معاها عنيها تتخطف خطفه غريبة قوي، كأنها راحت لمكان أنا مش شايفه، ما تعرفش هو جواها واللا بعيد، وكنت أحاول أبص على المكان ده واركز في نفس الاتجاه وارجع باحساس بالعجز. سيبك من ان خطفة العين لجوه بتبقى ساعات احساس جنسي غامض لأن ده كان بيوصل زي شفرة متفاهم عليها. أنا قصدي حاجة تانية أكثر إيلاما
بعد كدة عرفت إن الخطفة دي ليها علاقة بشيء عدمي أصيل عند الست. ووقاحة الراجل طول الوقت في ادعائه الانتصار عليه وتأكيده ان الحياة ليها معنى. وعرفت (من غير ما اكون متأكد من اللي باقوله) إن اللي بيحبك صحيح مش هو اللي يخليك وسيلته في الحرب على العدمية دي، أو في إبعاد شبحها مهما ضحك وبكى معاك. اللي بيحبك حقيقي هو اللي يقدر يتونس بوجودك جوه عدميته دي. يسيبك تشوفها وتعيشها معاه بنوع من الرضا العميق، والتصالح مع الليل اللي ماشيين فوقيه طول الوقت.
في ناس كتير ما عاشتش اللحظة دي ومتصورة نفسها حبت وهي لغوشت بس على عدميتها، عرفت ناس في الدايرة الخارجية لحياتها تضحك وتتنطط وفجأة يضربها الاكتئاب زي مطرقة مظلمة، ويرميها بعيد في حتة ما يطلعش فيها الصوت.
في الستات التقليديات ح تلاقي كتير عدم احترام عميق للراجل رغم تشبثها بيه، ممكن يكون احتقارها نابع من فشله في الوجود جوه المنطقة دي. لكنها بتفهم كمان مسؤوليتها عن ده وتعاقب نفسها باستمرار علاقة هي عارفة كويس إن كلها من برة ولبرة. 
حاجة أخيرة خالص: هو ممكن يكون فيه تغيير حقيقي في الحياة (ثورة مثلا) من غير ما يكون فيها حب من النوع ده.. قصدي من النوع اللي يعترف بان أصالة الوضع البشري مرتبطة بعدميته؟

Monday, December 9, 2013

الوعي بمأزق الأنثى


نعود من جديد للتفسير المتسرع لعبارة سلوى الشهيرة "عاوز أقعد جنبك.. مش وراك"، والذي أجزم الكثيرون بثقة أحسدهم عليها أنها توضح تحرر الفتاة وسعي صانع الفيلم لتكريس فكرة المساواة بين الجنسين. والحقيقة أن العبارة بارعة الصياغة تحمل داخلها بالفعل إذا ما تم تناولها بشكل مجرد بعيدا عن سياقها هذا المعنى ذا الصبغة "الحقوقية"، وتبدو العبارة صالحة لأن تستخدم كشعار نسوي عابر للزمن، ولكن المواقف الحقوقية دائما ما تكون أحادية الموقف، وسينما محمد خان أبعد ما تكون عن الأحادية أو التبسيط، بل إن قوتها الفكرية الأساسية تنبع من إمساكها بزخم الحياة وتفاصيلها وتناقضاتها، لهذا فإن علينا أن نعيد النظر لموقف سلوى، والذي يحمل ككل ما في فيلم خان الأول، بذورا للاتجاهات التي سنراها بوضوح لاحقا خلال مشروعه السينمائي.

فأزمة المرأة في المجتمع المصري لا يمكن تلخيصها في وجود تفرقة بين الذكور والإناث، ولا يمكن اختزالها في فتاة ترغب في الجلوس بجوار حبيبها بدلا من أن تجلس وراءه. المرأة في مصر تعيش واقع أعقد من ذلك بكثير، واقع يتاح لها فيه المساواة بل والتفوق على الرجل في بعض الأصعدة، بينما تسلب حتى من حق التفكير في أن تكون ندا له بأصعدة أخرى، تماما مثل سلوى، التي تملك بداخلها بذرة التمرد والمطالبة بالحرية، والتي تتضح من شخصيتها التي نفهم أبعادها تباعا، ومن علاقتها المفتوحة بحبيبها التي نراها من اللحظة الأولى بصورة صادمة لثوابت المجتمع، ولكنها في نفس اللحظة محاطة بالكثير من الضغوط: تحكم أسرتها التي تصل لمواعيد عودتها للمنزل، نظرة العالم المحيط لها، والأهم هو الثقافة التي تشربتها منذ الصغر، والتي تجعلها وإن كانت تحب فنانا بوهيميا وتؤمن بموهبته وتخالف قواعد المجتمع معه، إلا أنها لا تزال محتفظة بالرغبة في الحصول على حياة مقاربة لحياة بني جنسها من الفتيات المصريات، حياة أقل جنونا وأكثر أمانا، حياة لا يعد الجلوس بجوار الزوج فيها دليلا على المساواة، بل على محاولة للجمع بين حسنيين: الحب الحر والحد الأدنى من الأمان المجتمعي.

هذا الوعي بمأزق الأنثى هو أحد العناصر الكثيرة التي لم تجعل "ضربة شمس" مجرد فيلم أكشن جماهيري آخر، ولكنه عمل أكثر عمقا وارتباطا بالواقع بما يفوق مئات الأفلام التي تسرد حكايات دراما اجتماعية يظن من لا يعلم أنها واقعية تطرح قضايا اجتماعية، ولكنها في الحقيقة تتعامل مع هذه القضايا باستقطاب صارخ، ينطبق عليه ما قاله المخرج السوفيتي الكبير أندري تاركوفسكي عن هذه النوعية من الأفلام، عندما قال وكأنه يصف سينما محمد خان "تفسير ذلك هو أن نمط الحياة شعري أكثر مما هو ممثل أو مصور أحيانا من قبل المدافعين بعزم عن الطبيعية. الكثير مع ذلك، يبقى في أفكارنا وقلوبنا كاقتراحات غير متحققة. عوضا عن محاولة الإمساك بالفوارق الدقيقة التي لا تكاد تدرك، فإن أغلب الأفلام الواقعية البسيطة، لا تتجاهل هذه الفوارق فحسب إنما تصر على استخدام صور حادة وصارخة ومبالغ فيها، والتي في أفضل الأحوال يمكنها فقط أن تجعل الصورة تبدو بعيدة الاحتمال". ومن بين كل مخرجي السينما المصرية، خان هو أحد أفضل من أمسك بهذه الفوارق الدقيقة التي لا تكاد ترى، لا سيما فيما يتعلق بصورة المرأة في أفلامه.

فالمرأة في سينما خان ليست امبراطورة مسيطرة وليست مظلومة مستضعفة، إنها مزيج من كل هذا وأكثر، إنها إنسان يعيش سياقا معقدا يغير موقف العالم منه في كل لحظة عن سابقتها. من نفس المنطلق يمكننا إعادة النظر للكثير من الشخصيات النسائية في أفلام المخرج الكبير من زاوية مختلفة، فعلى سبيل المثال يمكن إعادة تقييم موقفنا من منى بطلة "زوجة رجل مهم"، والتي يراها البعض ضحية لزوج مهووس بالسلطة وضعها في قائمة ممتلكاته دون التفكير في مشاعرها. ولكن إذا أعدنا مشاهدة الفيلم دون أحكام مسبقة، فسنجد أن هشام على الأقل في المراحل الأولى من علاقته بمنى، كان بالفعل زوجا محبا مخلصا يتمنى السعادة لزوجته، بينما كانت هي مراهقة حالمة بالحب، مستعدة لأن تقع في حب شاب يشع ذكورة وسطوة مثل هذا الضابط الشاب. مأزق منى لا يمكن تلخيصه في اعتبارها ضحية، لكنه هو الاخر يقع في نفس مساحة الفوارق الدقيقة التي حولتها من مراهقة تستجيب بسعادة لرغبة ضابط وسيم في الزواج منها، إلى سيدة بالغة تعاني من حرمان عاطفي سببه تحول نفس الضابط بحكم حياته الجديدة إلى شخص أكثر تجبرا، يؤمن أن لديه دائما ما هو أهم من اهتمامات زوجته ورغباتها.

يمكنك بنفس القياس أن تنظر لكل شخصيات خان الأنثوية، وعلى رأسها نوال البطلة الوحيدة التي صدر خان فيلمها "موعد على العشاء" بإهداء موجه لها شخصيا، فهي نموذج مثالي آخر لفهم المخرج الكبير لمأزق الأنثى، فهي امرأة ظلمها كل من حولها، ظلمها الثري الذي أراد الزواج منها فاغتصبها لتقبل رغما عن أنفها، وظلمتها والدتها عندما دعمت هذه الزيجة وسعدت بها، ولكنها رغم تعاستها تبدو قوية، نبيلة، غير مستعدة للاستجابة لدعوات صديقاتها اللاتي يحاولون تبرير خيانتهم لأزواجهم ويدعونها أن تحذو حذوهم. لاحظ هنا أن المحيطين بنوال هم ذكر وحيد والعديد من النساء، فهي وإن كانت ضحية لسلطوية ذكورية واقتصادية إلا أن العدد الأكبر من المشاركين في قمعها ودفعها للخطأ من النساء، بل ونساء يفترض أن يكن أقرب المقربات لها: أمها وصديقاتها، وهي الخيارات التي تؤكد من جديد على تعقد السياق الاجتماعي، وصعوبة التعامل مع مأزق المرأة بمعزل عن المرأة نفسها.

فوزية "موعد على العشاء"، نجاح "مشوار عمر"، هند "أحلام هند وكاميليا"، وردة "الغرقانة"، وغيرهن من نساء عوالم خان، كلهن صور متعددة لاستيعاب المخرج الكبير ومن تعاون معهم من كتاب سيناريو موهوبين لما أوضحناه من تعقد لمأزق الأنثى المصرية، والذي يصعب تخليصه أو وصفه أو الدفاع عنه بأي موقف "حقوقي" يرى الأمور بالأبيض والأسود، فالمرأة في عالم خان لا تبحث عن حقوقها، ولكنها تدافع عن مساحتها من الحياة، وتخوض صراعات مع نفسها ومع العالم المحيط للتمسك بهذه المساحة مهما كانت العوائق التي تلاقيها، وهو موقف لا يمكن أن يتبناه مخرج يرى العالم من بعيد، ولكنه بحاجة لمبدع حقيقي، معجون بالمجتمع ومشكلاته وتفاصيله، قادر على نقل هذه التناقضات للشاشة، ولم يوجد من تنطبق عليه مثل هذه الشروط أكثر من محمد خان.


من دراسة لأحمد شوقي حول "سينما محمد خان"

Sunday, November 24, 2013

البديل العاجز

مهاب نصر
 
عند كتاب الستينات كان وصف شخصية بالعجز الجنسي أو المثلية هو نوع من الجزاء لفساد السلطة وللسلطوي أو الخاضع ليه. الرمز كان مش بس عبيط وفج، انما بيساوم المجتمع على معنى شائع حدا للفحولة، موجود بالضبط عند عم عبده شكيّر والبلعوطي والحاجة حسنات٠ وبالتالي بدل ما يفك السلطة ويحولها لكلام نقدر نتناقش فيه، ويحطها جوه تاريخ عشان نفهم حدودها وهي جت منين، وبالتالي نوسع مجال فهمها والقدرة على التعامل مع منابعه...ا بدون عصبية أو مزايدة، بدل كل ده جه الرمز المنحط (ابن تاريخ لا يقل انحطاطا عن انحطاط السلطة) عشان يقفل الكلام، ويدمغ السلطة بحكم قيمة بدائي٠ وده ما تغيرش كتير بعد كدة ، بمعنى ان السياسة بقت وضع رمز في مواجهة رمز، غالبا للنكاية والمساومة : الشارع مثلا قصاد المؤسسة٠ لدرجة ان الناس كانت بتمارس أو تتظاهر بممارسة الحرية الجنسية مثلا مش تعبيرا عن احتياج فعلي انما تعبير عن ضمير تلوث بالرمز، يعني ما بقاش يمارس إلا وهو فاكر نفسه بيعمل ده ضد كذا ، فوق السرير ما بتبقاش المتعة، انما التركيز المجهد في الكلمات٠ كل الخرا الوقح ده طلع قصائد أو أشباه قصائد (حتى الممارسة السياسية ما كانتش اكتر من كدة) لكن ما طلعش كلمة واحدة تتصدق حتى من اللي بيقولها، شعور واحد واقف على ارض حقيقية، اكتشاف جديد لأي معنى، حرية مش معمولة للنكاية انما تعبيرا عن السعادة، سياسة مش معمولة بهدف الإدانة أو إصدار حكم قيمة على الآخرين، انما بهدف تحرير العلاقة بينهم من أحكام القيمة وإعادة ترتيبها بشكل يسمح لها اكتر بالتعبير عن نفسها في إطار عادل٠ مش ممكن تكون فيه سياسة ما ورهاش ده، إلا وتسقط في عماها٠ أخيرا من أسخف افتكاسات الكتّاب فكرة ان ما فيش أحكام قيمة، أو اعتبار الكتابة هي نوع من مرمطة حكم القيمة (مش فهمه)٠ يا ابن ٠٠٠٠ هو مش حكم القيمة ده اللي مخليك تتكلم عن العلاقة الحرة في قصيدة وتحط صورة ولادك ع الفيس، يا ابن ٠٠٠ هو مش حكم القيمة ده اللي بتقبض عليه فلوس وجوايز وعايش على قفاه، باعتبار الكتابة شيء ضروري أو مهم للحياة أو ساعات متعالي عليها كمان لكن بياخد منها مصروفه؟!

Wednesday, November 6, 2013

فلنهئ أنفسنا لاحباط عظيم

حازم صاغية
النهار
5 نوفمبر 2013

بعد هزيمة حزيران (يونيو) 1967 استولى الإحباط على الشعوب العربيّة ونُخبها على نحو تجاوز ما حصل بعد 1948. الإحباط حلّ في كلّ مكان، في الكلام اليوميّ كما في الأدب والمسرح، وفي التحليل الفكريّ كما في الصحافة والتلفزيون. العرب غدوا محبطين وكفى.
ذاك أنّ الهزيمة، التي أطاحت ثلاثة بلدان وثلاثة جيوش في ستّة أيّام، كانت مهولة ومطنطنة، زاد في ضخامتها وفي حدّة وقعها أنّ المهزوم الأكبر لم يكن سوى جمال عبد الناصر، معبود العرب، الذي لم يهيّئهم إلاّ لتوقّع الوحدة الوشيكة والنصر المؤزّر على الدولة العبريّة. ثمّ إنّ الذين سبق أن أُحبطوا بنكبة 1948 عوّلوا على الأنظمة العسكريّة ردّاً على النكبة، فإذا بالنكسة، بعد أقلّ من عقدين، تجدّد إحباطهم وتجعله يأساً.
كان ذاك هو الإحباط القوميّ، أو الإحباط بالقوميّة. بعده أكّد الفلسطينيّون فلسطينيّتهم، لا عروبتهم، طريقاً إلى «تحرير فلسطين»، وانفصل أنور السادات بمصر عن الرواية العروبيّة لعبد الناصر. أمّا حافظ الأسد فقلّص الإنشاء الوحدويّ للبعث إلى مجرّد دفاع عن السلطة السوريّة وبقائها، ومثله فعل صدّام حسين في العراق.
اليوم يعيش العرب الإحباط الديموقراطيّ، أو الإحباط بالديموقراطيّة. عسف الأنظمة العسكريّة وصعود الإسلام السياسيّ نجحا في استيلاد أسوأ ما في تراكيبنا الأهليّة والثقافيّة، وفي تعميمها: في مصر يحصل اليوم اعتذار عسكريّ - شعبيّ عن ثورة يناير. في سوريّة تبتلع الحربُ الأهليّة والأزمةُ الإقليميّة-الدوليّة الثورة. في ليبيا تبدو الدولة والثورة خطّين متوازيين إلى ما لا نهاية. ربّما كانت تونس وحدها لا تزال تلوّح لنا ببصيص أمل، لكنّه لا يزال بصيصاً مهدّداً. وحتّى لو صار أملاً فإنّ موقع تونس ودورها يحدّان من اكتساب الحدث بُعداً عربيّاً شافياً.
لقد نجح الإسلاميّون والعسكر، مدعومين بأسوأ ما في تجربتنا التاريخيّة، في الاقتصاص من ثورات «الربيع». وأغلب الظنّ أنّنا سنكون وجهاً لوجه أمام المزيد من الوعي التآمريّ المتفشّي، وربّما أمام مزيد من الراديكاليّات العدميّة التي تمعن في تفتيت مجتمعات لا يعوزها التفتّت، ومعها محاولات بونابرتيّة، مأسويّة أو هزليّة، لبيعنا الخلاص العسكريّ.
والحال أنّ الإحباط السابق، القوميّ، كان يمكن أن يكون صحّيّاً، أي أن يقرّب العرب من واقع أوطانهم ودولهم، ومن إدراك الفارق بين القدرات والشعارات، ومن أخذ العالم في الحسبان لدى احتساب موازين القوى. وهذا ما لم يحدث إلاّ جزئيّاً جدّاً وبطرق شديدة الالتواء، وكان من نتائج عدم حدوثه، الذي استثمره الاستبداد والإيمان النضاليّ، أن تراكمت طبقات فوق طبقات من الأزمات والتناقضات التي بات على «الربيع العربيّ» أن يواجهها. أمّا الإحباط المقبل فأخطر. فهو لا يكتفي بإعلان انهيار كلّ شيء، أنظمةً وثوراتٍ، علمانيّةً وإسلاماً سياسيّاً، بل يعلن أيضاً أنّ ما من علاج في الأفق المنظور، وأنّ العلاج النظريّ المفترض تواجهه حساسيّة تتحكّم بالجسد وتحول دون تلقّيه ذاك العلاج. وقد تتسابق الأفكار والمجتمعات في العودة إلى حالة صفريّة: فتنهدم الأولى إذ تستحوذ عليها لا أدريّة شاملة وشالّة، وتنهدم الثانية لصالح مكوّنات خام لا يتمّ بلوغها إلاّ بدم كثير.
الواقع لا يُحتمل، والتغيير مسدود، أمّا الذين يقولون «الآتي أعظم» فلا يكذبون.

Thursday, October 31, 2013

اللحظة الاستثنائية

مهاب نصر
في الأيام الأولى ل"الثورة" كنت باتكلم في التليفون مع صديق مدرس من إسكندرية ٠ كان بيشتكي رغم السعادة من البهدلة اللي بقت فيها البلد وشوارعها ٠ قلت له بدون وعي والجلالة وأخداني : عادي جداً، دي ثورة يا٠٠٠٠ انت عايز تيجي السنة الجاية وتلاقي الموجّه داخل لك بيقول نفس الكلام وف إيدك نفس كراسة التحضير؟! سكت٠
الصديق ده كان من الإخوان اللي بيقولوا انا مش إخوان بس باحترامهم٠ معرفتي بيه ما تشككش في اخلاصة٠ ...لكن إخلاص ايه اللي ينط من فوق مستوى مرعب من الجهل بمعناه الإنساني الواسع٠ اقدر أقول بارتياح ان مستوى وعي المدرسين كان في مستوى الأطفال، والحكم اللي بيرددوها حكم الترابيع والمخدات ، كنت عايزهم يقبلوا ثورة تقولهم انتم مش مدرسين وأطلعوا برة؟! ما خدتش بالك ان المعنى الحقيقي للثورة ضدهم بالذات؟ أنا شبه متأكد ان صاحبي ده ما كانش إخوان إلا لأنهم بيأمنوا على مستوى وعيه الطفولي، أي فكرة تانية كانت أكبر بكتير من قدراته، وده مش حاله لوحده ده حال البلد كلها٠ عشان كدة الواحد كان معلق أمل في اللحظة الاستثنائية وأخلاقها، اللحظة اللي ممكن الدكتور يقول فيها انا ما كنتش دكتور والكاتب يقول انا ما كنتش كاتب، والثائر يقول انا ما كنتش ثائر٠٠٠٠ للأسف بلد زينا ما لهاش أمل إلا في النوع ده من اللحظات الاستثنائية ، غير كدة لما تيجي لعبة السياسة بتركب على وضع بدائي ما قبل السياسة وما قبل الكتابة وما قبل الوعي المسؤول٠ مش مشكلة ان عندنا استبداد المشكلة الأكبر انه تافه، مش مشكلة ان عندنا أحزاب دينية ، المشكلة أنهم شوية صيع بدقون، مش مشكلة ان رجال الأعمال احتكاريين المشكلة أنهم ورثة الحاج حمونّو بياع الشرابات ع الناصية٠ ودول قاعدين يعملوا دستور وتقاسم سلطة ٠٠ صلاة النبي أحسن٠
 
أنا كمان فكرت في اللحظة الاستثنائية دي .. اللي بعد ما نهزم السلطة كان لازم نعدها و نعترف اننا ولا حاجة .. و "اننا" دي تتضمن المتحدث، متعلمناش حاجة في المدارس والجامعات و بنشتغل بعنواين مش حقيقية...بنمثل الشغل..اقصى درجات الانحطاط و الفشل و الكدب في كل شئ حتى العواطف الانسانية...بس للاسف حالة الانكار مستمرة و عايشنها للنهاية ... يمكن اللحظة دي اللي ممكن تخلينا نتفق ان العيشة كده بقت خرا و اننا لو عاوزين نشوف بلد ربع نضيفة لازم نتفق على شوية حاجات..انما لأ لسة متفقين بس ازاي نطلع دين بعض

Wednesday, October 30, 2013

ست حكايات.. ست دول...عامل مشترك واحد


الصومال: عائشة إبراهيم دوهولو، 13 عاما، تم رجمها فى إستاد بمدينة كيسمايو بعد الحكم عليها بتهمة ممارسة الفاحشة.. الفاحشة فى هذا السياق أن أهل عائشة أبلغوا الشرطة أن هناك ثلاثة رجال أخطتفوا ابنتهم (عائشة) وتناوبوا إغتصابها، فقبضت عليها الشرطة وتم رجمها.. (!)

أفغانستان: صدِّيقة وخيّ
َام.. صدِّيقة كانت فى التاسعة عشر, هربت مع خيام الذى كان فى الخامسة والعشرون إلى خارج الحدود الأفغانية لأن أهلها كانوا يصرون على تزويجها قسرا.. عندما عادوا إلى أفغانستان, أحتجزتهم القوات الأفغانية وتم محاكماتهم أمام محكمة الملا وتم رجمهم سويا بتهمة ممارسة الرذيلة.. دون شهود, ودون أدلة, كده... (!)

العراق: دعاء خليل أسود, يزيدية الديانة, كانت فى السابعة عشر عندما تم رجمها بتهمة ممارسة الزنا مع رجل من قبيلة أخرى.. التشريح أظهر أنها ماتت عذراء.. انتشرت إشاعات غير صحيحة تناقلتها مواقع إسلامية بكونها قتلت بسبب تحولها إلى "الإسلام" إلى انتشار دعوات للانتقام لها، ما أدى إلى مجزرة الموصل 2007 وتفجيرات القحطانية التي أدت لمقتل وجرح أكثر من ألفي يزيدي....

إيران: سكينة محمدى أشتيانى, أم لإثنين, أرملة, أتهمت بممارسة علاقة غير شرعية مع أجنبى وتم الحكم عليها بالموت رجما فى 2006, وظلت فى السجن 5 سنوات تنتظر تنفيذ العقوبة.. بعد تصاعد حدة التظاهرات المناهضة لرجمها, وتوقيع عدد من العرائض لإيقاف رجمها, أهمهم العريضة التى وقَّعها الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك, إلى جانب منح اللجوء السياسى لسكينة من عدد من الدول, قررت السلطات الإيرانية وقف تنفيذ العقوبة بعد 5 سنوات من السجن و مئة جلدة...

السودان: إنتصار شريف عبد الله, 17 عاما, الحكم بالموت رجما بتهمة ممارسة الزنا مع إطلاق سراح الزانى.. (!)

السعودية: فتاة القطيف.. متزوجة.. كانت على علاقه قبل زواجها بشخص وقامت بإعطائه صورها، وبعد أن انهت علاقته به وتزوجت، قام الشخص الذي كانت على علاقه معه بتهديدها بصورها، مما جعلها تخبر زوجها، حيث طلب منها أن تجلب الصور منه، فذهبت في مارس 2006 وركبت معه في السيارة، وفي هذه الأثناء قام 7 شبان بالاشتباه فيهما والقيام بخطفهما والذهاب بهما منطقة مهجورة واغتصبوا الفتاة واحداً تلو الأخر، كما اغتصبوا الشخص الذي كان معها... المسخرة المبكية فى المسألة هى حكم المحكمة الذى قضى بسجن أربعة من المتهمين في قضية اغتصاب فتاة القطيف مدة "سنة واحدة مع 80 جلدة" وهي صدر بحقها 90 جلدة لأنها كانت في خلوة غير شرعية حسب وصف المحكمة... (!!)
 
ريم عمرو الدفراوي

Wednesday, August 14, 2013

تحالف الخرا و المسخرة


حيذكر التاريخ المصري إن عشرات القتلى - لسة بنعد- و آلاف المصابين وقعوا بسبب شخص فاشل عديم الشخصية عديم الرؤية يعاني من مشاكل مزمنة في مخارج الألفاظ يشع الغباء من عينيه و البله من كل صوره يعمل تحت إمرة جماعة متخلفة عقليا محبوسة في التاريخ وآخر خطاب له كان سيمفونية في الردح و الشرشحة يعادي فيه كل أجهزة الدولة التي هو رئيسها ثم أصيب بالمفاجأة هو و جماعته حينما عزل بعد ذلك!
 

Tuesday, August 13, 2013

قائد الثورة الجنسية

تعليق: المشكلة إن مصر في الوقت ده كانت في وضع بائس جدا...مش مجرد نخبة عجوزة مخصية و فاسدة، لأ كمان مجموعة الشباب النشطاء معظمهم يحمل إرث وسخ من الكبت و القهر و الحقد ... تقريبا اللي اتجه منهم "لتغيير أفكار المجتمع و تحريره" اليافطة الكبيرة البراقة دي اللي بيوصفوا بيها كل افعالهم و اللي في النهاية حتصفصف قصته على مجرد فقر أو كبت جنسي أو رغبة في الشهرة
عشان كده الفروقات طفيفة بين الاسلامي و غير الاسلامي في الانحطاط المصري الأصيل
هو مش انحطاط أخلاقي حسب الحكم على ظاهر الأفعال بالمعايير المزدوجة البائسة بتاعة الاسلاميين أد ما هو فقر فكري في عمل دوشة من غير أي هدف حتى لو ظهرت في ثوب قضية اجتماعية ...حتلاقي استخدام لنفس المصطلحات و الأفكار بتاعة اللي بتقول عليه عدوك ده لأنك متختلفش عنه كتير ...وبطولة زائفة في إنك تخلق قضية و تزعق طول الوقت لجذب الانتباه إني بحاربها و هي مش موجودة و الجميل إنك حتلاقي تافهين بشكل غير طبيعي يشتموا في الوهم أو يمجدوا فيه

تعليقا على 
 national day for kissing event
 وصفا باختصار لأيتام وسط البلد
Egypt 2013: one published article, one controversial video, trillions of curses, zillions of relationships, zillion zillions of stories about sexual raids, some hypocrite friends, lots of naive followers, alleged upcoming great project, too many nights downtown, glimpses of knowledge in fb comments = national hero/activist/next revolution leader/ ay 5ara with a spoon... This can go for Islamist, just replace curses with unbearable - trying to be funny- comments, and as for "known female figures"...mmm...forget it they are idiots.

Saturday, August 10, 2013

عيد - وفاة - سعيد

ثالث أيام عيد الفطر 2013
الواقعة حدثت حينما قام محمد رضا شتا 22 سنة سائق ميكروباص مقيم بمركز فيشة سليم بالتحرش بفتاتين أثناء مرورهما من شارع حافظ وهبي بطنطا فانصرفت واحدة واعترضت الأخرى هي سومة أبو المجد حسن الحلواني 18 سنة مقيمة بمنطقة العجيزي على ما فعله واقتربت لإيقافه حتى تستنجد بشقيقها بالهاتف فصدمها بالسيارة فقتلها في الحال وحاول الهروب إلا أن الأهالي قاموا باحتجازه وألقت قوات الشرطة القبض عليه
تفاصيل الواقعة بناء على معلومات من أكثر من زميل صحفي في الغربية

Thursday, July 4, 2013

أسئلة وجودية

و دار الحديث مرة أخرى في ذلك الوقت حول حقوق الاسلاميين...ندافع عنهم و لا لأ...الخ
 
و كانت قصة نهى
يا جماعة ... نهى بنت إسكندرية جميلة زي القمر معدتش ال25 سنة .. بنت بسيطة عادية و محجبة "عشان الإخوة الوسطيين الرخاص يتعاطفوا " ماشيه بعربيتها من عند سيدي بشر و العربية عليها ملصق تمرد ... الإخوان المسلمين أصحاب الأفكار الإسلامية السمحة خرجوها من العربية و ربطوا إيدها بجنزير و سحلوها ع الأرض و قطعوا هدومها و نزلوا فيها ضرب بالسكاكين لغاية ما ماتت ف المستشفى النهارده صباحاً .. إيه رأي دعاة الرأفة مع هؤلاء ؟ ما تروح تقول لأبو و أم البنت الجميلة اللي سلبوا حياتها بهذا الشكل الحيواني البشع ؟ .. روح يا وسخ إنت و هو و هي و قولوا لهم " أنا مش عايز إقصاء لأحد .. مصر وطن يحتوى الجميع " ... فعلا إنتوا محتاجين لأتاتورك .. ديموقراطية تجيب ناس تلغي الديموقراطية .. أحا
آدم ياسين
 
و قصة محمد شهاب
 

Monday, July 1, 2013

الغباء

30 يونيو 2013
 
في هذا اليوم التظاهري العظيم كان فيه "حالات إغتصاب" و في "التحرير" بس!
 
 
الجملة دي لو عرضتها على حد طبيعي حيقول خلاص منروحش هناك، خصوصا إن فيه مليون مكان ممكن الواحد يتظاهر فيهم و يقلل فرص تعرضه لأي فعل إيذاء جسدي (فعل عنيف صعب الشفاء منه)، لكن لأ... الحركات النسوية بالإضافة لمجموعات مقاومة التحرش -أصدقائنا من آكلي الفول و المصابين بالأنيميا قرروا إنهم يشجعوا التظاهر هناك و يعرضوا الحماية و بعدين يقولوا مش قادرين نعمل حاجة من الأعداد المتدافعة و يكتبوا شهادات عن وقائع الاغتصاب و يلعنوا دين أم البلد.
 
يعني بشكل بسيط ماذا استنتجت من الفقرة السابقة؟
 
البلد وسخة و حتفضل وسخة ... عادي
اللي شغالين في الملف النسوي في البلد بياكلوا تبن...تبن ...أو على الأقل تبن
مجموعات التحرش بتشتغل بنفس الميكانيزم و بعدين تتفشخ بنفس الطريقة و تستغرب!
أداء غاندي في إني أحارب عشان الوطن و أتضرب و أكمل و أتضرب و أكمل ده خلص من زمن طويل وفضلا عن غبائه الشديد و سذاجته و اعتبارنا أنه نجح في لحظة تاريخية ما ده ميخلكش خالص ملزم بتكراره تاني، ممكن تفكر إنك تحارب عشان قضية و تخسر شوية و تكسب شوية، بل و تحسب الخسارة دي تشوفها على أد القضية و لا لأ!
 
في النهاية
إنهم يأكلون التبن ... خلي الجرافيتي ينفعك يا قطة
 


Thursday, June 27, 2013

الوطن يا صفية هانم

الحقيقة أن أحد أصدقائي المهذبين للغاية قال التالي امبارح
 
"كسم مرسى ، وكسم البلد كها ، وكسم الثوره ، وكسم الروح اللى موجوده عند كل الناس"
 
الموضوع تعدى فكرة الاحباط من الوطن الذي لا ينصلح حاله أو الثورة التي فشلت لأن الناس سابت الميدان، على اعتبار انهم كانوا المفروض يفضلوا قاعدين هناك سنة مثلا!
لكن هي وجهة نظر للوطن الميؤوس منه تماما، عن الناس أصل المشكلة و الحكومات (المشكلة الفرعية)، و عن الدين المتحكم في الكل في صورة ضلالات و وساوس و عن اللي بيحاولوا يعالجوا الناس من الضلالات بأوهام أكبر و صورة وسطية!
فبشكل عام السياسة بتبتلع حياة الانسان في مصر، يعني من سنتين كان نفس الكلام بيدور، الحوارات و النقاشات الحامية، لكن انت كشخص على مستوى حياتك الفردية البحتة لا تحقق أي شئ لأن حياتك في دولة مركزية مرتبط بالكل و الكل مبيتحركش غير لورا و انت مستني الخطاب/الانتخابات/القرارات/...الخ القادمة
يبقى فين العيب إن الفرد يدور على مصلحته الشخصية البحتة؟ صحيح الكل حيفضل سبب في انخفاض سقف طموحه لكن ممكن يحقق و لو طموحات صغيرة لحد ما يقدر يخرج من البلاعة دي، و هو القدر المحتوم في رأيي اللي ممكن يكسب الحياة قليل من المنطقية! المشكلة تقريبا في الصورة الدرامية اللي بتحاوط الشخص اللي بيحاول ميركزش مع الحالة الميؤوس منها اللي اسمها الوطن فهو دايما متعجرف مش حاسس بغيره و انتهازي متسلق وسخ... و هو بالضرورة مش صحيح...تمنياتي لكل فرد ظروفه سيئة إنها تتحسن...لكن دي مش معركتي ... ده زمن المعارك الفردية بامتياز!
تخيلت كمان انهارده ان شخص بقاله بيناضل مثلا أربعين سنة، متفرغ للنضال و الزعيق و المظاهرات و الاعتصامات...الخ، قضية الوطن، عظيم مش كده؟ حنفرض إنه محققش أي إنجاز على المستوى الشخصي، لإنه مؤمن بإن المجموع و الفرد مينفصلوش عن بعض، و بعد كل السنين دي نلاقي الشخص ده في لحظة الثورة وجد تعب السنين اللي فاتت أعطى نتيجة...في حين إن الأمر لا يتعدى كونه مصادفة تاريخية داروينية بحتة تلاقت فيها ظاهريا أمنياته مع أمنيات الجموع، يعني شخص بيكلم نفسه طول الوقت و تصور إنه انتصر!
صحيح إن معاني الانتصار و النضال تحتاج لإعادة تعريف في هذا السياق، و حتظل دائما نسبية، لكن هذا السيناريو لم يعد يساوي أي شئ بالنسبة لي، أنا معنية بانتصار ملموس يحسّن حياتي للأفضل، هدف دارويني بامتياز اهه! إيه المانع؟
وأوعد نفسي إني حأهتم بالوطن ده مرة تانية لما أكون بأدوّن من دولة متقدمة وبأعيش حياة البني آدمين! حقيقي حأهتم من قلبي

Tuesday, June 25, 2013

طبيعة الصراع

هو بصراحة كده أنا أرى أن الصراع مع مرسي والشاطر والأشكال الكسر ده كلها ومع قواعد الإخوان كذلك وجودي مش عشان علاقة الدين بالدولة والحريات والحقوق والكلام الفارغ ده كله لأننا اصلا في مجتمع مختلف وهيفضل متخلف ولا أمل فيه ولو حصل تحسن هيحصل بعد ما نموت....إنما أنا خناقتي معهم نيتشوية بامتياز (نسبة للمرحوم محمد عمر نيتشه) هي كراهيتي ممزوجة بالاحتقار لأناس mediocres فرضوا نفسهم على المشهد في وقت بالغ ال...حساسية....وما تبعه هذا من إحباط وقرف وزهق تسببوا به للناس المتفوقين اللي بيعرفوا يقرأوا ويكتبوا...الموضوع كان بالنسبة لي زهق لا أكثر ولا اقل....أنا كابن من أبناء الطبقات المتوسطة (التي أصبحت عليا في السنوات الأخيرة) كنت مبسوط والنظام الاجتماعي منحاز لي بيوفر لي خدامين بتكلفة منخفضة، وبيتحمل بنزين عشان عربيتي والتكيف بتاعي، وكله كان حلو....ورغم ده كنت لا أطيق لا مبارك ولا الأشكال الوسخة اللي معاه، أوت أوف زهق لا أكثر ولا اقل، وأوت أوف فضول فكري إن الأمور ممكن تكون أفضل....ومن هنا أتت مشاركتي ومشاركة أغلب من أعرفهم من بني جلدتي فيما يسمى بثورة يناير....كان الوضع أشبه بمسرحية بضينة ماشفناش غيرها ليلة ونهار طول عمرنا وجينا في لحظة زهقنا وقمنا كنسنا خشبة المسرح بكل اللي عليها من ممثلين بائسين زي مبارك وصفوت الشريف وزكريا عظمي وفتحي سرور....وبعدين نزلنا وجبنا بيبسي وفشار واستنينا المسرحية الجاية اللي هتكون جديدة وممتعة وحلوة والتوقعات كانت تمام جدا....وبعدين طلع علينا طقم ممثلين جعل المسرح أشبه بالسيرك أو بجنينة الحيوانات مناظر معفنة وأداء كحيان من صفوت حجازي لمرسي لمحمد سعد الفطاطري لحسين إبراهيم وغيرها من الثدييات العملاقة....وكان الإحباط والحقد والكراهية لكي ينتصر الإنسان....
 
عمرو إسماعيل

Monday, June 24, 2013

من تاريخ "المُحن" النسوي

عمر المُحن ما غيّر فكرة
 
مقارنة سريعة لما تحبي تتصوري لنصرة قضية المفروض إنك "بتعاني" منها
 


الصورة من حملة ناجين من اعتداء جنسي بيذكروا فيه جمل قيلت لهم من المعتدي
Project Unbreakable - Survivors of sexual assault, photographing them holding a poster with a quote from their attacker

Sunday, June 9, 2013

سهير / الدقهلية

 



لقيت طفلة (١٣ سنة) مصرعها، مساء أمس الأول، أثناء إجراء عملية «ختان» بعيادة خاصة بقرية منشية الإخوة التابعة لمركز أجا بالدقهلية، وحررت أسرة الضحية محضراً اتهمت فيه طبيباً بالتسبب فى وفاة ابنتهم.
وقال الباتع محمد إبراهيم، فلاح، والد الضحية «سهير»، لـ«المصرى اليوم»: «تركنا ابنتنا مع الطبيب والممرضة فقط، وبعد ربع ساعة أخرجت الممرضة ابنتى من غرفة العمليات ونقلتها إلى غرفة مجاورة ومعها ٣ بنات أخريات أجرى الطبيب لهن عمليات ختان أيضا». وأضاف: «انتظرت نصف ساعة على أمل أن تفيق ابنتى، لكن للأسف لم تفِق كبقية الفتيات، فطلبنا الدكتور وخرج وأدخلها غرفة العمليات مرة ثانية، ثم فوجئنا بسيارة إسعاف تنقلها خارج العيادة، ولما سألنا الدكتور قال لنا إن البنت ضعيفة ولا توجد إمكانات بالعيادة، وعند وصولنا مستشفى أجا قالوا لنا البنت ميتة».
وبكى الأب وهو يقول: «لو أعرف إن عملية الختان هتموتها عمرى ماكنت عملتلها حاجة، لكنى عملت عملية ختان لابنتى الكبرى من سنتين عند نفس الدكتور، وكل أهالى القرية بيروحوا عنده فى العيادة لأنه دكتور بيعالج كل حاجة وسعره قليل علشان ظروف الفلاحين الغلابة».
وقالت حسنات نعيم فوزى، والدة الضحية: «الدكتور هو اللى بيعمل كل حاجة، وبتساعده ممرضة وخلاص، لكن الدكاترة فى مستشفى أجا بيقولوا إن البنت أخذت جرعة مخدر زيادة وده سبب وفاتها»، وأضافت باكية: «أنا مش عايزة حاجة غير حق بنتى، والدكتور يتحاسب».
وكشف محمد الباتع، عم الضحية، أن الطبيب حاول مساومة الأسرة بدفع ٢٠ ألف جنيه مقابل عدم تحرير محضر بالواقعة، وعدم اتهامه بالتسبب فى وفاتها.
وقرر طارق حمودة، مدير نيابة أجا، تشريح جثة الطفلة لبيان أسباب الوفاة وضبط وإحضار الطبيب المتهم بالتسبب فى وفاتها، وقال السيد عبدالسلام، محامى أسرة الضحية، إن جميع الأطباء الشرعيين كانوا فى إجازة، واضطرت النيابة لاستدعاء أحدهم من المصيف لتشريح الجثة، مشيراً إلى أن تقرير مفتش الصحة أكد أن الوفاة نتيجة صدمة؛ مما أدى إلى هبوط حاد فى الدورة الدموية.
من جانبه، قال الدكتور عبدالوهاب سليمان، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، إنه لم يتم إخطار مديرية الصحة بالواقعة حتى الآن، مشيراً إلى أنه سيوجه «العلاج الحر» للتوجه لعيادة الطبيب لفحصها وبيان ما إذا كانت مرخصة من عدمه، مؤكدا أن الطبيب، بخلاف واقعة وفاة الطفلة، خالف القانون بإجراء عملية الختان، وهى من العمليات الممنوعة بنصوص القانون.

Sunday, June 2, 2013

حب ما بعد حداثي

يخيل إليّ إن ما بعد الحداثة كانت مرحلة موجهة بالأساس لإعادة تعريف بعض المفاهيم بهدف إتساعها بالضرورة...يعني مش لازم الدعارة تكون ممارسة الجنس في مقابل المال و إن المهان فيها بالضرورة هو طرف الست، لأ ممكن يكون موقف من الفقراء أو الكذب السياسي أسوأ من الدعارة...ده بالنسبة لي موقف إيجابي لأنه بيزيد من فداحة التصرفات الملتوية، موقف أكثر وضوحا و صراحة
لكن المشكلة كانت في اختفاء مفاهيم كتير أو بالأحرى إنها بقت غامضة و غير واضحة....الخير و الحق و العدالة واقعين في المعضلة دي...ده نقد أساسي بيتوجه للفكر ده من دعاة ما قبل الحداثة و اللي شايفين إن ما بعد الحداثة مرحلة مشوهة ملهاش معالم
يعني كمثال في العلاقات الشخصية، اليوم اللي بطلنا نقول فيه ان التنطيط بين علاقات كتير و ممارسة جنس لأجله فقط لا غير وساخة و نمط حيواني متدني في العلاقات بقينا بنقول إنه تجربة و تجرد بالجنس لوظيفته الأساسية البيولوجية من غير ما نحمله أكثر مما يحتمل من ممارسات مجتمعية بالية ... معرفش مين قال ان التجرد ده للأفضل و إن نزولك خطوات التطور اللي بترفعك - لأهداف جيدة بالمناسبة- شئ جيد و منطقي و عقلاني!! معرفش ليه كمان الوقوع في اختيار ثنائي راديكالي كده...يعني ليه الاختيار ما بين هذا الافراط في الوساخة أو الافراط في الحزن نتيجة للاستمرار في علاقة هي كمان فاشلة لكن متماسكة لأسباب عائلية و مجتمعية؟
لا أرى بأي شكل من الأشكال تتعلق فيه المشكلة دي بالكبت... المشكلة ذهنية فردية تماما!
 

Monday, May 27, 2013

الاحتباس الحراري

مشروع التخرج - يوليو 2008 - الاحتباس الحراري و أثره على التنوع البيولوجي
 درجة الحرارة حترتفع حترتفع لحد ما التلج يسيح و يغرقنا ... آمين
تحية خالصة لكل بنت لابسة كارينا - عملولنا اخيرا قطن ليكرا بيلزق زي الأول و بيحرر اكتر- و معصم و طرحة أو طرحتين فوق بعض أو طرحة  و بندانا أو بوليرو طويل أو بوليرو قصير أو ليجينج
الاحتباس الحراري حيقضي على الحيوانات يا حيوان
على فكرة - بصوت خفيض - قفاكي باين
فقرة إعلانية: شربات سودا للمحجبات
كل ده عشان ميهيجش أي ابن وسخة عليكي في الشارع
تؤ الحجاب عشان الفضيلة
الاحتباس الحراري قضى على الدببة في القطب الشمالي ... كس أم الفضيلة
مخلوقة أنا عشان أحافظ على فضيلة كائن نازل فضيلته ملخلعة ... أحا!
شاب حنين : ما تخلعي الحجاب
شاب مهذب بلحية خفيفة: الحجاب فريضة
شاب وسخ: ما تقلعي الحجاب
شاب مثقف وسخ و هايج: المجتمع ...المجتمع
فيمينست متكهربة: اتحرري ي ي ي ي ي ي ي ي ي ي أنا العاهرة يا تكسجية يا قوادين
فيمينست بحجاب: محدش متحكم فيا
فيمينست متعرفش انها فيمينست: مبيتكلموش غير عن جسمنا و لبسنا ... احنا فينا الفلاحة و الطبيبة و اللي بتشيل مواد
مش فيمينست: لسة فاضل الطرحة و البادي نجيبهم و نروح خلاص
فقرة إعلانية: الطرحة بعشّة جنيه...بعشّة جنيه وفيها كل الألوان الفاقعة
أيوة حضرتك اللي هناك ده ... متستنانيش يا روح امك احررلك المجتمع عشان مش فاضية
الاحتباس الحراري حقيقة علمية بالنظر لكل الرسوم البيانية اللي بترصد درجة حرارة الأرض
فقرة إعلانية: شوارتسكوف مهتمة بيكي و منزلة شامبو بتركيبة الكرياتين عشان شعرك اللي بيقع
احنا ملناش دعوة بس هي مش اوفر شوية؟ خلينا في حالنا
مبيشغلوش محجبات...مبيشغلوش واحدة بشعرها
فقرة إعلانية: الحجاب بيحافظ على شعرك من قمل الاخرين...سبحان الله
 ابتسامة دعاء عامر
على فكرة -بصوت خفيض- شعرك باين
و هو يعني اللي بنلبسه ده حجاب ... ده يا بنتي المفروض يكون ............
كل آية و ليها تفسير و هو حديث آحاد
شير لايك ...لايك شير...شتيمة
فقرة إعلانية: كارينا بيجيب تسلخات...الطرحة دي مش شيفون يا فندم دي ب 150 جنيه
مش محتاجة حد يحررني
نوت: ليه قلعت و ليه لسة حاقلع؟
شير شير ... لايك لايك
الاحتباس الحراري غيروا اسمه بقا تغير المناخ
كل حاجة حيتقال عليها سطحية حتلاقي الدين خلص
الدين خلص ؟ مفيش يعني :( ...مش عارف طب فوت عليا بكرة




 

Sunday, May 12, 2013

الأشياء بمسمياتها

ويقوم واحد مسمّي نفسه مثقف في محاولة تبرره إنه مهووس بجسم أي بنت يتعامل معاها، وبيفكّر بنصه التحتاني "بس" برده:

-أصل الرجالة مختلفين عن الستات؛ الرجالة تركيبهم البيولوجي بيخلي الجنس أهم ليهم ..

ويبص في عييها وعينيه عليها غيمة قذرة وبيريّل،ويكمّل:
- بيبقوا هيجانين أكتر يعني ..

---
بس وبيزعل بعد كده لمأ تقوله إنه قذر ..
قبل ما تنظّر على "رغبات" الستات ابقى اسألهم .. أو اقرا أول تلات أربع نتايج يطلعولك بالبحث بكلمتي: women .. libido .. وقبل ما تستذكى وتعمل فيها مثقف عشان ترضي قذارتك، اعرف إن فيه زيّك كتير؛ مفضوحين فشخ يعني ..

أنا بيتهيألي كتير إن رجالة وسط البلد -إلا قليلا- أوسخ من سواقين التكاتك والميكروباصات.
 
.................................................
ويللا نسأل سؤال لطيف ..
انت كراجل عمرك فكرت في أمّك أو أختك بشكل جنسي؟ بتقعد تقيّم جسمها وتفاصيله وتتخيل أوضاع؟ سبب بيولوجي؟
ماشي، انت لما بتبقى متربي مع بنت الجيران على إنكو إخوات من وانتو لسه ما تعرفوش يعني ايه "جنس" و"جنس آخر"، بتقعد تسبلها عينيك لما تكبروا وتفصصها حتة حتة؟

ديه حاجة بتتربّى عليها وبتكتسبها .. بتتعلّم تحترم الناس ديه وتتعامل مع حاجات تانية فيهم غير جسمهم .. ما أحبش أسمع بقى الك...
لام بتاع أصل ديه حاجة غريزية .. هو الجنس غريزة فعلا ومحتاج تشبعها عشان ما تبقآش معقد نفسيّا، بس هيّ مجرد حاجة .. والمفروض البني آدم السوي بيبقى عنده "كراش" ناحية حد بعينه، حتّى لو بيغيّر الحد كل شويّة .. بس بيبقى "حد" مش "أي حد" ..

انت مريض نفسيّا ومحروم .. ده سببه المجتمع المتخلف، سببه قناعاتك الدينية، ظروفك الماديّة، ... إلخ. المهم إنها مشكلتك لوحدك، اللي تحلها لوحدك، وما تشيلشي ناس كل ذنبهم إنهم بيتشاركوا معاك أم الحياة المسؤوليّة وتعاقبهم وتفرض عليهم طريقة معينة لكل حاجة عشان ما يفكروكشي بحرمانك .. ليييه يعني! انت مين أساسًا؟ ايه أهميتك في الحياة اللي بتديلك الأفضلية ديه!

روح حل أزماتك لوحدك .. ولما تخف وتبقى شخص سوي، ابقى تعالي تفاعل معانا في المجتمع .. غير كده، ما تزعلشي لما تتشتم وتتعزل ويتعملك محاضر تحرش ويوصل البعض للمطالبة بإخصائك؛ انت شخص مؤذي حقيقي واحنا مش فاضيين نطبطب على أمثالك ..
 
 
سمية ربيع
 

Monday, April 22, 2013

قاع المشكلة

حمدين صباحي ف أون تي في مش حاجة عظيمة الصراحة..
بس طبعا مبهر زي الزعماء اللي بجد بالمقارنة بسي خرا..
طبعا الحكم دا مش مقنع بالنسبة للفئات المؤيدة أكثر لمورسي: الأكبر سنا، الصعايدة، زي ما جا ف استطلاع رأي. سي خرا مقنع للناس بتوعه عشان يشبههم، وعشان هما طول الوقت بيتصرفوا زيه كدا.. مزيج من الجبن والتظاهر والكذب الملاوع والكلام الفاضي والتكالب على كل تعريفة بأي ثمن وداري على شمعتك تئيد ولو لك حاجة عند الكلب قول له يا سيدي وطاطي عشان تعلا، واتمسكن لحد ما تتمكن.. واللي بيخاف م الكبير ويستغل الصغير هو اللي يبقى عمده
 
شريف يونس
..........................................................
الشباب المصري والعربي بيمارس العادة السرية لكن عندما يتم عمل فيلم عن شئ كهذا أصبحت سفالة وعهر وخروج عن الدين !!!! .. المصريون يكرهون أنفسهم ويخشو بشدة من رؤية وجههم الحقيقي علي الشاشة ! ... أنا شخصيا تعرضت لإيذاء نفسي بسبب الفتاوي وآراء الشيوخ في فترة المراهقة .. طبعا لا وجود لصداقة مع الجنس الآخر ولا أدني علاقة بدعوي العيب والحرام وحتي متعة العادة السرية بالتأكيد هي حرام ... ولا يتوقف الأمر عند هذا ... قصص مرعبه عن خطورة ممارستها وأنها تسبب الضعف الجنسي وضعف الإبصار وضعف كل شئ و قصص عن فلان الفلاني الذي مات وهو يقوم بها وفلان الفلاني مات وهو يشاهد أفلام إباحية و الرب الرحيم بالتأكيد سيحرقة في النار ويبعث علي هذا الفعل .. و قصص أخري عن عذاب القبر والسخافة والهراء كان حقيقة في عقلي في هذا الوقت .... لحظة المتعة التي تختلس في غفلة من السجانين يعقبها ندم وإكتئاب وبكاء وتضرع لله وهكذا ونفس السيناريو يتكرر مرة ومرتين وألف ... هذه هي فترة المراهقة في بلد عربي .. هذه هي البيئة التي يصنعها الدين ورجالة ... وحتي الآن ما يقال لنا ونحن أطفال مهما حاولت أن تتناسي ومهما أصبحت عقلانيا تترك أثرا وعقد نفسية .. في نفس القضية لكن من جهة أخري.... الرجل الذي يعاني من إنه تزوج زواج تقليدي ولا يحب زوجته هو نفس الشخص الذي يمنع إبنته أن تحب وأن تعشق و نفس الشخص الذي يعاني من البرود الجنسي عند زوجته هو نفسه من يقطع جزء من جسد إبنته لإعتقاد سخيف ومتوارث .. وكل هذا العبث ما هو إلا محاولة منهم لكي يحترمو أنفسهم ولو قليلا فالغرب ودول الكفر متقدمة في كل شئ فكل هذه الأفعال وتكبيل الجنس والحب في بلادنا ليشعرو بشئ من النبل وأنهم أطهر وأنهم أمة الأخلاق .
 
محمد
...........................
 
أعتقد إن المتحدثين في اذاعة القرآن الكريم لو توقفوا 3 ثواني قبل ما يقولوا أي جملة و بعدين أدركوا إن دي سنة 2013 ممكن يخرج منهم كلام عاقل بعد كده...فكرت في ده انهارده في درس الصدق اللي كان بيقوله الراجل و بدأ حديثه بأمثلة الكذب المباح زي إن عدو يسألك عن تفاصيل بلدك (هو مستنيك فعلا) أو إن واحد يقول لمراته انتي حلوة (المثل ده بيتقال من يوم ما اتوجدت على الأرض مع العلم انه متغيرش أبدا في ان الست هي اللي تقول لجوزها انه وسيم مثلا ده) المهم ان الامثلة دي تلاها الحديث عن الصدق..فصام مبالغ في حدته!
 
أنا
 

 

Wednesday, April 17, 2013

حوادث

اليوم : الاثنين
التاريخ : 2013-4-15

الحدث :
حوالي الساعه 8 مساءاً كده سمعت صوت زعيق جامد في الشارع خرجت البلكونه لقيت كميه لا حصر لها من الرجاله و الشباب ملموم...
ين حوالين حد مش قادره أوصله بنظري خالص من كمية الناس اللي حواليه و كل الناس بتحاول توصل للشخص اللي جوه الدايره دي عشان يضربوه .. و فجأه جريوا كلهم بالشخص و نقس الكثافه و التكدس حواليه .

و بما إني ساكنه في مكان إلى حد ما شعبي و بنشوف خناقات كتير بس عمرها ما بتبقى بالكثافه و العدد الغريب ده , بعد ما مشيوا نزلت أعرف كان في إيه من البوابه .
نزلت لقيت البوابه بتاعتنا دايخه و منهاره كلياً و بتعيط . فضلت معاها شويه لحد ما هديت و بدأت تحكي ..

اللي كان جوه الدايره دي " بنت ، ملط تماماً " كانت في شقه مع شباب و البوليس دخل فـ قررت إنها تنزل من البلكونه كما هي " ملط " و جريت كده في الشارع عشم منها إن حد يسترها .
و اللي حصل إن كل الرجاله إتلمت عليها بالمنظر اللي أنا شوفته و كانوا " بيحسسوا " اللي يلحق يحسس ع اي حاجه يلحق ، واحده قالعه في الشارع !
البوابه بتاعتنا رمت عليها ملايه بس قطعوها من عليها !
كانوا بيغتصبوها بإيديهم و بعيونهم و بلسانهم .

أنا مش مستوعبه اي حاجه من وقتها ، كل اللي حاسه بيه إن نفسي أنزل الشارع بتاعنا و أجيب كل نطع حط إيده عليها و أطبق عليه زي ما بيقولوا شرع ربنا و أقطعهالوا

صدقوني : كمية النطاعه و القرف اللي بقينا فيهم خلتني أتعاطف مع " عاهِره " بدل ما أقرف منها ، خلتني أسب و ألعن الحياه كلها

أنا قرفانه من كل حاجه ، كل حاجه ، من شارعنا اللي خذلني في يوم من الأيام بردو و كل يوم بيثبتلي إنه مفيهوش راجل ، من كمية النطاعه اللي بقت في الناس ، من القرف اليومي ، من كل حاجه

كل اللي في بالي إني نفسي أعرف البنت دي فين دلوقتي و أروحلها
أنا مُتعاطفه مع العاهِره يا مجتمع وسخ !
 
ميرال محمد
 
...........................
أستاذة «بعين شمس»: هناك تواطؤ من إدارة الجامعة في قضية التحرش بالطالبات
 
قالت دكتورة ليلى أبو المجد رئيس قسم العبري بجامعة عين شمس، اليوم الثلاثاء أن هناك تباطؤ في سير التحقيق في قضية التحرش بالطالبات.
وأضافت في مداخلة هاتفية للإعلامي جابر القرموطي في حلقة اليوم من برنامج «مانشيت» أن هناك تواطؤ من إدارة الجامعة بدليل أنه رغم تقديم جميع المستندات التي تدين هيئة التدريس في التحرش بالطالبات إلا أنه لم يتم حتى الآن أي تصرف قانوني ضدهم بحجة أنه لا يوجد إذن نيابة وهو الشئ المحزن المضحك في نفس الوقت.
وأوضحت دكتورة ليلى «أن إحدى الطالبات صورت احد أفراد هيئة التدريس في وضع مخل وهو عار تماما ويعرض نفسه على الطالبات في «المحادثات» على النت والفيديو يعد دليل قوي ولكن المفاجأة أن الأساتذة المتهمين في هذه القضية هددوني برفع دعوى قضائية كرد شرف لهم» وتطرقت في حديثها إلى أحداث البلطجة التي وقعت في جامعة عين شمس مؤخرا.
و قالت «أن البلطجة التي حدثت مؤخرا جزء من منظومة الفساد داخل الجامعة ولجأنا للإعلام بسبب تباطؤ الجامعة في التحقيقات وعلاج الفساد وفي النهاية تستعين الجامعة بلجنة من خارج الجامعة للتحقيق في قضية التحرش» وأكدت دكتورة أبو المجد أن هناك تعنت ضد الطالبات اللاتي تقدمن بالبلاغ ضد الأساتذة ولكن الطالبات أصروا على إستكمال القضية ولن يتنازلن عن حقهم.

مصر

Tuesday, April 9, 2013

تودد...أو الثورة التي لا تؤنث لا يعوّل عليها (3-4)/ د. عبد الله البياري

الجزء الثالث
 
إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ
علي رُقْعَةٍ من ظلامْ
تشعُّ، وقد لا تشعُّ
فيهوي الكلامْ
كريش على الرملِ /

لا دَوْرَ لي في القصيدة
غيرُ امتثالي لإيقاعها :
حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
وحَدْساً يُنَزِّلُ معني
وغيبوبة في صدي الكلمات
وصورة نفسي التي انتقلت
من أَنايَ إلى غيرها
واعتمادي على نَفَسِي
وحنيني إلى النبعِ /

لا دور لي في القصيدة إلاَّ
إذا انقطع الوحيُ
والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ
م.درويش – لاعب النرد


إذا كانت "أعظم خيانة يرتكبها الكاتب أن يصوغ الحقيقة الصعبة في عبارة رخيصة"فـ"الشاعر مأخوذ بكل علم ... لاتساع الشعر واحتماله كل ما حمل ... وإذا كان الشاعر (مطبوعاً) لا علم له ولا رواية ضل واهتدى من حيث لا يعلم، وربما طلب المعنى فلم يصل إليه وهو ماثل بين يديه لضعف آلته".




فإذا كانت "الرؤيا" و"الكشف"  و"الحفر" في النفس والأشياء  من ملامح الشعر الحديث، بعد تجاوزه –دون إفراط- الإطراب والغنائية بمفهومهما الحسي، أدركنا مدى الحاجة الشعرية للاساليب الرمزية والأخيلة الشهرية المنطلقة الغرائبية والترميز المكثف والحر والتخييل في البنية اللغوية والشعرية، وهو نتيجة لـ"لغة التخيل" الأنثوية الجذر أكثر مما تفعله "لغة الإخبار" الذكورية الجذر، فلغة التخيل أقرب ما تكون للغة "الكشف" بالمصطلح الصوفي ، تلك التي تحمل معاناة البحث والتساؤل في الآفاق الغريبة حتى عليها وفيها، لغة تساءل الذات والموضوع معاً، تحفر في الواقع من أجل قراءة تأملية تجاوز موصوفاته المدركة أولياً، فتدرك علاقاته المباشرة وغير المباشرة، في تأثير "مرآوي" لنزوع الوجدان الصوفي في حالة "الإستجلاء"



– إستجلاء الكون- إلى "الفناء".

وهو تماما معناه مالارميه بقوله للمصور ديجا: "عزيزي ديجا، إننا لا نصنع من الأفكار شعرا ، بل من الكلمات". فقد كان ديجا يجد صعوبة في كتابة الشعر على هامش فن التصوير (وللثنائية هاهنا دلالتها) الذي يحترفه، فوجه سؤال إلى مالارميه :"إن حرفتكم حرفة مضنية. أنا لا أستطيع أن أقول ما أريد ولو كنت مليئاً بالأفكار".وبالتالي فالفضاء الجمالي الذي تنتجه "اللغة التخيلية"، ليس من باب الثمالة الجمالية شعرياً أو التجميل اللفظي والتخيلي فقط، فذلك المنحى هو انعكاس لـ"وشاكة إنمحاء الفطرية في عالمنا المعاصر بسبب ماديته وآليته وتعقيداته"، فتلك القيم السائدة في عالمنا هي قيم مادية صلبة لايمكن مقاربتها إلا بلغة إخبارية كونها قيم كمية، وليست قيماً روحية متجاوزة تجب مقاربتها بلغة تخيلية، لذا أصبح التخيل والمكاشفة اللغوية تعويضاً جمالياً قيمياً وروحياً.
حيث يفسر السياب هذا التوجه الشعري الحديث للتخييل بتوظيف عديد الأدوات التخيلية، بأن القيم السائدة في عصرنا هي قيم ليست شعرية، وأن الكلمة العليا فيها ليست للروح بل للمادة، لذا "فالتعبير الماشر عن اللاشعر لن يكون شعراً".
فالشعر –وكذا بقية الفنون- الذي يعتمد التخييل في اللغة، يؤسس لدرامية تخفف الغنائية الشعرية، وللترمي الذي يمنع سقوط النص في المباشرية والوضوح الساذجين، فيما يعد انعكاساً فكرياً لعصور الانحطاط الفكري والتأملي. 



وبالعودة لفكرة "الفناء"، لا بد لنا أن نتذكر المقولة الصوفية: "تمام الشيء مبتدأ نقصانه"، فيبدأ "التكون" حينها مع تمام –أو قرب تمام- "الفناء"، أوليست تلك خاصية الأنثى بامتياز؟ فهي التي تمنح الحياة من الموت، ويتكون الخلق فيها من صميم الفناء أو على شفيره، وتتجدد الحياة من مواثيق الفناء في الجسد الأنثوي.

ولكن كيف لذلك أن يكون شعراً ، و قد إنتهى عصر "ربة الشعر" فصار "شيطان الشعر"؟ أوليس "الشعر جمل بازل" والجمل البازل هو الفحل المكتمل، فكان "إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فإذبحوها"، كما قال الفرزدق في إمرأة قالت شعراً؟
لعل تلك الحاجة إلى تأنيث الشعر ملحة في عصرنا، لإكمال التحرر الشعري واللغوي من السيطرة الذكورية عليه كنسق حي ومؤثر ثقافياً وحضارياً، لم نر فيه بعد الخنساء شاعرة لمدة تربو على الـخمسة عشر قرناً من الزمان، وإن كانت الخنساء محض انتصار ذكوري شعري –كما أسلفنا سابقاً- ، بكت باستخدام الشعر
الظل الذكوري الذي أبت الثقافة الذكورية الفحولية البدوية أن تخرجها منه إلا بموت صاحبه صخر.
فالشعر "ساحة تستوعب مايطرح من المسائل الفلسفية وقضايا اللاهوت وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا فضلاً عن السياسة والأسطورة والتاريخ" وبالتالي فهو – الشعر- "خطاب معرفي حقيقي". باعتبار ضرورة الربط بين الشعر والفكر والفلسفة، بما لا يمكن فضه، لأن ذلك "لايناقض العامل الحضاري وحسب، إنما يناقض إلى ذلك معنى التجربة الشعرية" والتجربة الشعرية هي في ذاتها متجاوزة لذات الشاعر/الرائي إلى نبوءة تتعالى عن شخصه إلى كامل شرطه ومحيطه الحضاري مكوناً الذات والآخر أياً كان الآخر : محيط ، كون، إله... وأنثى.
إن في ذلك التحدي الكبير حضارياً وتاريخياً فيما يتعلق بالشعر ولغته، هو ما جعل الثقافة بنسقها الذكوري تكشف عن أنيابها إزاء أهم مسّ أنثوي تحرري ثوري شعرياً، جعل من الكوليرا التي أصابت مصر عام 1947 ، أقل كثيرا من تلك "الكوليرا" التي أصابت عامود الشعر الفحولي على يد نازك الملائكة في متن



فعلتها الشعرية التي كانت تحت نفس الغسم في نفس العام.

فقد حرضت "الملائكة" في شعرها على الثورة، و"الشعر محض ثورة"، فأججت في بحور الشعر عاصفتها و ثورتها، وأغرت بحوراً ثمانية من بحور الشعر بالإنقلاب والإنضمام تحت رايتها المؤنثة، لتروض في الشعر "شيطانه الذكر"، ليخرج التأنيث من عتمة الحكي إلى نور الكتابة، ولينكسر عامود الشعر الفحولي، ليمسي الشعر"حرية" وليس فقط "حراً".
تلك البحور الثمانية التي استجابت لنداء "الملائكة" هي "الرجز" و"الكامل" و"الرمل" و" المتقارب" و"المتدارك" و"الهزج" وإنضم إليهم "السريع" و"الوافر"، طاعنين بالاقحوان منابع الأشكال حيث الحضور الأصم الثابت ...الذكر.
كيف للغة الشعرية أن يكتمل صلصالها التخيلي/الكشفي من دون تلك البحور الثمانية التي تحمل صفات الجسد المؤنث، تلك الصفات التي تشترط الحياة ومنحها من حدود "الفناء" و"النهاية"، فكل تلك البحور مرآة للجسد المؤنث، مرنة تزداد وتنقص حسب شروط الحياة المتوالدة أقحواناً في متونها وأرحامها، بإنبثاق جسد من جسد ومعنى من معنى وصوت من صوت، ثم يعود ليتقلص فيلعو فيه "النبر" و"النزف" دونما أن يفقد حياته. إن تلك البحور الثمانية التي إنضمت لحملة "الملائكة" وثورتها على سلطة العرش/الذكر وكأي ثورة لابد لها أن تنطلق شرارتها من الشعب، فكانت تلك البحور"الأكثر شعبية وتواضعا وقرباً للناس ومنهم وإليهم، وفيها البساطة والليونة والخفة".
أما البحور الأخرى، فهي بحور الفحول، بها من سمات الفحولة جهوريتها وصلابتها، واستوثاق تقاسيم الذكورة الجسدية واضح فيها، فهي لا تقبل التمدد ولا التقلص، فلغتها الشعرية ذكر فحل، "وكونه عموداً صلباً راسخاً لا ينزف ولاينتفخ".


 "مزجت بين النار و الثلوج –
لن تفهم النيران غاباتي ولا الثلوج




وسوف أبقى غامضاً أليفاً
أسكن في الأزهار و الحجاره
أغيب 
أستقصي
أرى
أموج
كالضوء بين السحر و الإشارة"


أدونيس – "الإشارة" من ديوانه "كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل"




إن تحالف "الملائكة" مع النصف المؤنث من بحور العروض، هو عين الثورة وإعلان الرفض الحاسم، على النسق الذهني المذكر الذي يعتمد عليه الشعر، ومحاولة تكسير العمود الذكوري في الشعر الأقرب للفكرة الأداتية للقضيب. وقد كان للملائكة ما أرادت، وهو مايعد انتصاراً للقصيدة الحديثة يسمح لها بأن تتجدد وتتحرر وتنعتق، فكان ماسمته "الملائكة" "الشعر الحر"، و إن كانت قد أسمته -هي نفسها- في مواضع أخرى "شعر السطر الواحد"، وهو مايستدعي في أذهاننا تفسيراً لقلة التوجه الشعري إلى "التشطير" حتى ولو بداعي "التقسيم الموسيقي الداخلي"، لما في ذلك من إعلان هزيمة ذكورة أمام البنية الذكورية المهيمنة.
إلا أن كل تلك المسميات –"الشعر الحر" و"شعر الشطر الواحد"- وماتلاها من مسميات لنقاد آخرين – ذكوراً كانوا أم إناثاً- ليسوا إلا محض انتصارات للنسق الذكوري للشعر ، صاحب السيطرة الثقافية، إما عن تواطؤ أو عدم دراية ، فـ"كثيراً ما يكون الإسم ظالماً لمسماه ، أو ملقياً عليه ظلالاً من الشبهات وخاصة إذا كان هذا الإسم وصفاً، لأن الصفة عندئذ تستدعي نقيضها، كما يستدعي البياض ذكر السواد. وعندئذ تلتمع المقارنة ولا ينال الإسم رضا سامعيه إلا إذا اتضحت المناقضة ايما اتضاح وثبتت أشكالها و ألوانها".
إلى أن ولدت تسمية "شعر التفعيلة" ، بعد خمسة عشر عاماً على المؤنثة على إسم  يؤنثها جزءاً من حقها، ليظل الأصل المذكر والفرع المؤنث.





"الطرق كلها هكذا: مشقات في ترجمة السوسن إلى لغة المنثور".
سليم بركات – "السيل"



"فاينيموينن العجوز الأمين



كان يصنع بالغناء قارباً،
وهو يدق على صخرة،
كانت تنقصه ثلاث كلمات،
لكي يصنع جانبي القارب،




فذهب في طلب الكلمات"

من أشعار الملاحم الكاريلية القديمة في روسيا.





وإن كان البعض قد زعم أن الحداثة العربية قد انحصرت في الشعر فقط كما فعل أدونيس وإحسان عباس، وأن لا حداثة في غيره من أنواع الخطابات الثقافية الأخرى، فتلك نظرة تقوم على فصل الخطاب الشعري والقذف به في الفراغ مجرداً من أي إتصال مع أي نسق ثقافي وحضاري آخر للأمة، وهو ما نراه مجانباً للصواب بقدر غير يسير، فالتأنيث في الشعر وما أحدثه ذلك في الجسد الشعري العربي من تحرر وإنطلاق، كان الحلقة الوسطى بين محركات إبداعية ذاتية نبعت عن أكثر صور الذات العربية تعرضاً للقهر والقمع في مجتمعاتنا وصولاً لأنساق سردية وموسيقية وصوتية وبنائية جديدة، هي تمهيد لبعث الروح التحديثية في أجناس فنية وأدبية أخرى كالرواية مثلاً، حيث الراوي أصبح خالقاً لعشيرة متخيلة عبر السرد الحر، متنقلاً بشكل أرحب في وسائط سردية لايمكن إلا أن نلاحظ الفارق بين هياكلها ماقبل وما بعد حادثة تأنيث "الملائكة" للشعر، "إن تجربة القصيدة لحرة علامة كاشفة على حالة الاتصال و الانفصال، التكرار والاختلاف، وهي مسعى لابتكار الذات نموذجها الخاص معتمدة على المنجز القائم الذي لم تسع إلى إلغائه ولكنها أقدمت على تفكيكه ففتحت بذلك منافذ لها اقتحمت عبرها أسوار النموذج مما فكك المعيار الرسمي ومكن الذات المبدعة من التغلغل إلى الداخل ومن ثم إعادة إنتاج الموروث وإعادة تكوينه".




لذا فليس من الصحيح المصادقة على أن الحداثة العربية اقتصرت فقط على الشعر، وذلك لأن التحول في البنية الشعرية وإن لم يصل لتمام التحول في البنية اللغوية المنطقية للأمة –وإن بدت مظاهره واضحة في بعض المواضع- هو تحول في أكثر الفنون اللغوية تأثراً و تأثيراً فيما يسمى بالزمنية الجامعة –بحسب بندكت أنردسن- لجماعة ما بعينها.
إذ أن ذلك التحول، ترك آثاراً عدة، أهمها سؤال الهوية وعلاقتنا بالآخر من ناحية والبدايات من ناحية أخرى، وكذلك مواثيق إدراكنا لذاتنا تاريخيا، عبر القراءة من الطرف للمركز وليس العكس كما يذهب إلى ذلك هومي بابا، تلك القراءة التي ينبع منها الخطاب السلطوي.

"النقد ونقد الذات تحديداً ومسألة المنجز التاريخي، مع السؤال عن دور الذات المفردة وعن موقعها في النسق الثقافي و في نظام العشيرة، وهذه أسئلة موجودة في كافة الأفعال الثقافية. ولقد كان جواب الشعر عليها هو الأبرز لأن الشعر هو أبرز ما في ثقافتنا وهو الوجه المكشوف دوماً لنا". ويسجل لحركة "الشعر الحر" أو "شعر الشطر/البيت الواحد" أو "شعر التفعيلة" أنها كانت السباقة لطرق باب "المحرم" و "الممنوع" في الذهنية الثقافية وتفكيكه، وهو –التفكيك- المصطلح الذي يهابه الكثيرون من أصحاب عقلية الإتباع والأصولية وغيرها من الأنساق الذكورية التي تتمركز حول الذات فقط ، ولا تعطي مجالاً للآخر كما تفعل الأنوثة في أعلى تجلياتها المانحة للحياة على حافة "الفناء"، "إستجلاءاً" و "كشفاً" للوجود الإنساني في هذا الكون.


هكذا تولد الكلماتُ . أدرِّبُ قلبي
على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...
صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
إذا التقتِ الاثنتانِ :
أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ

م.درويش – "لاعب النرد"
 
الجزء الرابع
 

"أما تعليم النساء القراءة والكتابة فأعوذ بالله، إذ لا أرى شيئاً أضر منه بهن، فإنهن لما كن مجبولاتٍ على الغدر كان حصولهن على هذه الملكة من أعظم وسائل الشر والفساد، وأما الكتابة فأول ما تقدر به المرأة على تأليف الكلام بها، فإنه سيكون رسالة إلى زيد ورقعة إلى عمرو، وبيتاً من الشعر إلى غرب وشيئاً آخر إلى رجل آخر، فمثل النساء والكتب والكتابة كمثل شرير سفيه تهدي إليه سيفاً، أو سكير تعطيه زجاجة خمر ، فاللبيب من الرجال من ترك زوجته في حالة من الجهل والعمى فهو أصلح لهن وأنفع".

 خير الدين نعمان بن أبي الثناء، "الإصابة في منع النساء من الكتابة."
 
ولأن وجود المدلول مقيد بالدال، فنحن كـ"موضوع" نتمظهر "ذاتاً" لغوية، وبالتالي فالإنسان وجود لغوي ، فباللغة تكون "الإشارة" وبالتالي التسمية، تبعاً للـ"مصدر"، تعاقبياً (إشارة مصدر)، فيُعطى الإنسان حينها حيزه الوجودي المتجاوز له والمتماهي مع قيمة الوجود الإنساني المطلقة والساعة إلى الخلاص، باعتبار أن "الإنسان يسعى إلى الجمال في كل فعل" –بالمنطق الماركسي، فمثلاً إذا تظاهر جمع من السيدات في الفضاء العام (ولفظة فضاء عام تقتضي الجمع و المساواة في الحضور، وذلك محض افتراض مطلق) يطالبن بحق من حقوقهم، فيصير وجودهن اللغوي محدداً أولاً بـ"هن" (الإشارة) ومن ثم "يتظاهرن" (الفعل الوجودي)، فيصرن "متظاهرات" (مسمى/إسم فاعل)، ولكن تلك الإشارة لذلك الفعل والوجود القيمية له ، لا يتحدد بهن كفاعلات مستقلات عمن هو خارجهن، فمثلاً إذا قرر رجل/ذكر الإنضمام لتلك التظاهرة، باتت الإشارة التي يفترض أن تستند على الأقل لقاعدة العدد: حيث عدد الإناث أكبر في الفرضية اللغوية من عدد الذكور هو ذكر وحيد مهددة و متحيزة، إذ تتحول من "هن" إلى "هم"، وعليه يصير الفعل الوجودي : "يتظاهرون" فصاروا "متظاهرين".
أي أن فردا ذكراً واحداً يعادل وجودياً وذاتياً وموضوعياً بل وقيمياً جمعاً من السيدات بفضل تحيز اللغة ومؤسسيتها الذكورية.
 
إن التذكير في اللغة هو الأصل، وما كان له أن يكون كذلك لولا أن التأنيث هو الفرع، وبالتالي نصل لحالة من "التعريف بالسلب"، فتتحول الذات المذكرة لمذكرة لا لذاتها فقط إنما لتأنيث واقع على الآخر، بلفظ آخر: أنا أنا لأنها هي هي، وليس لأنني أنا من أنا (الذات ليست ذاتاً لذاتها إنما لأن الآخر آخر).
 
وذلك التأسيس الجنوسي في اللغة هو تأسيس سلطوي في الخطاب، يهدف إلى السيطرة على "حيز الوجود" للذات المؤنثة"، أياً كان ذلك الخطاب، أو كما قال ابن كثير على العلم –كخطاب- في "البداية  النهاية": "العلم ذكر لا يحبه إلا الذكور و يكرهه مؤنثهم".
 
ولأن حضور الأنوثة في الذات الإنسانية محكوم بالبنية اللغوية السلطوية التي تمارسها الذات الذكورية، بات جلياً لماذا كانت اللغة أول المؤسسات الفحولية وأقواها وأكثرها قمعاً، وتفريخاً للكثير من الأنساق الثقافية الفحولية والتي منها للمثال لا الحصر الدين (ومنه انبثق المعبد/الكاهن)وكيفما كانت تلك السلطة الثقافية الممنوحة للذكورة: جسدية، جمالية ، أخلاقية ، اقتصادية .... إلخ، إنما تتحدد بـ"الآخر" الذي تقع عليه، وبالتالي بات تحديد الذكورة كمركز للقوى في "ذات"ـها وما تمنعه عن "آخر"ها، كثبوت والاستقلالية الدلالية كعلامة،  فنرى في الإنجليزية مثلاً:
Man 
وهي علامة دلالية تامة المعنى تقوم بذاتها، تعبيراً وصفياً و إدراكياً: تسمية للذكر، أما:
Wo
فهو مقطع صوتي لا يقوم بذاته لا من ناحية الدلالة ولا العلامة، ولذا وجب إلحالقه بالذكر التام الدلالة والعلامة ليأخذ معناه ووجوده الأنثوي، وهو ما يعرف بعلاقة: الطرفـ/ المركز، فتصبح:
Woman
 
أي أن القمع هاهنا لا يدرس من ناحية تأثيره المباشر على الإدراك الذاتي للذات، ولكن من حيث ما يستثنيه ويمنعه، وهو الوجه الآخر للعنف أو مالا يقال من القصة–بحسب باربرا ويتمر: الإدراك الآخروي للذات. وهو ما يمكن ملاحظته في الأسبانية والفرنسية كذلك، وهو أقرب ما يكون من حيث الدلالة المعنوية لعلاقة المركز الطرف إلى السرد الأسطوري الشهير عن خلق حواء من ضلع آدم.
(بعيداً عن تهافت منة الثقافة الاقوى على الضحية بالقول الثقافوي: أن حواء خلقت من ضلع يحمي القلب).
 
وماذا أكبر من سلطة الوجود والقيمة الإنسانية، لتصبح استحواذاً ذكورياً يعطي كامل السلطة والقوة للذكر من قصة "خروج آدم و حواء من الجنة" في سفر التكوين، التي كانت مبتدأ الوجود الإنساني والقيمة في سؤال الإنسان عن ذاته. وهنا كما سيتضح معنا ، يكون مبتدأ الإدراك الإنساني متحيزاً، لبناء نسق سلطوي إدراكي ذكوري.
 
إذ كانت هناك "أربع ذوات" عاقلة واعية لنفسها في الحدث: الرب وآدم وحواء والأفعى، وهي ذوات تتشابه في أنها تعرف نفسها بنفسها فالأفعى ليست آدم ولا حواء ولا الرب مثلاً، وبالتالي فأول الظهور لتلك الذوات هو التعيين والإدراك :"التسمية اللغوية"، على خلاف شجرة المعرفة وشجرة الخلود ، فكلتاهما من جنس الشجر، ولكن كذوات لا يعرفون أنفسهم بأنفسهم، أي دون وعي ذاتي بالذات.
 
وهو المتحقق في "المعرفة"، حيث أن آدم و حواء لا يعرفان ماذا بعد التفاحة؟ فالمعرفة هاهنا موجودة في حيز المطلق الإلهي  ليس النسبي الإنساني، أي أنها ذات لاجنس لها، خرساء نائمة، مغتربة في التفاحة، خارج منطق سلطة الخير والشر أو الصواب والخطأ ، أي أنها معرفة متحررة من قيد الثقافي وبنيته الهيراركية.
 
إن غواية الأفعى لحواء اعتمدت على "ميل" ماعند حواء للإستكشاف والخروج عما لا يجب الخروج عنه وهو "أمر" الرب. فالذات/الأنا يمكن أن "تميل"، وذلك الميل هو الذي يؤسس لقدرها وهويتها ، فميل الشيطان/الأفعى للنار هو الذي يؤسس لقدره، فالنار لا تستطيع البقاء دونما أن تتغذى على غيرها، وبقاؤها في فناء غيرها، بينما الملائكة بهم ميل للنور، يسيرون في خطوط مستقيمة لا تعرف الميل عما طلب منهم.
 
والوجود والحوار الإنساني مع "الميل" هو أصل القيمة الإنسانية، فمثلاً "الوصايا العشر" في جوهرها هي "لائحة من الميول الممنوعة" تواترت على اختلاف التقديسات الخطابية بين وصايا عشر وخطايا سبع وغيرها. وهنا يأتي الميل الأنثوي للتحرر والإبداع وكسر القيد والبنية الرأسية التي أسست للمعبد، وبالتالي كسر النسق المؤسس لفكرة "الصواب/الخطأ" أو "الخير/الشر" بالمنطق الثقافي، حيث ذلك الميل الأنثوي إنما هو عودة بالمعرفة والفكرة إلى حيزها المطلق/الإلهي/الجناني. وبالتالي كان التعري هاهنا ليس في منطق "العري" ، إنما في منطق المعرفة، فإدراك آدم و حواء لعريهما لم يكن ليكون قبل المعرفة/الأكل من التفاحة ، أي أنه منطق ثقافوي ، فالعري يتحقق بالمعرفة إذ تتحول إلى سلطة التحريم و المنع و ليس قبل ذلك/قبل تناول التفاحة.
 
وهنا وجب تدخل اللغة، فبمجرد الأكل من التفاحة، وبالتالي الخروج من الجنة (حيث لم يرد في أي سرد زمنية فارقة) وإنتقال المعرفة إلى حيز اللغة والوجود الإنساني/اللغوي، ظهرت فكرة السلطة والقمع في الخطاب لصالح الذكر (يذكرنا ذلك بربة الشعر التي تحولت إلى شيطان شعر، فنزعت عنها أنوثتها لا شعرها)، فقمعت الأنثى لصالح التنافس الذكوري النسقي بين الشيطان إذ نزع عنه تأنثيه "الأفعى"، و آدم:
 
1.الغواية: يمثلها الشيطان/الذكر (حيث لم تخرج الأفعى لضوء المنافسة حتى في سفر التكوين).
2.القانون: يمثله الرب/الذكر اللغوي (كما سنرى تباعاً).
3. الإنسان: يمثله آدم/الذكر (وهنا تم استحواذ الإنسانية لصالح الذكورة فباتت الأاصل في الأمر لغوياً).
 
ويبدأ معه الإتفاق الذكوري تحت غطاء المنافسة على قمع الأنثى والميل الأنثوي ، فتصير الاستجابة لذلك الميل مستحقة للنار وصحبة الشيطان، وقمع ذلك الميل المؤنث هو عين التقرب إلى الله الذات المطلقة واسترداد الجنة التي أضاعها إستماع الإنسان/في صورة آدم/الجذر إلى ميله الطاريء على أصله من روح الله لكسر قانون الرب.
 


وهنا تبدأ عملية إنتاج الأنساق القمعية، عن طريق تفحيل الآلهة وتقديس الذكورة وتأصيلها إنسانياً، وثقافوياً، فلم نسمع يوماً عن نبي أنثى، حتى أن كلمة "نبي" لا تأنيث لها. ونرى الكثير من الأديان التوحيدية والوضعية، تتعامل مع التأنيث باعتباره الطرف من المركز المذكر، أي أنها علاقة سلطوية، فنرى قوانة مدعاة للرجل، و طهراً له يقابله دنس أنثوي . ويصبح التدين والنزوع إلى الجذر التوحيدي للخلق، أو الروح التامة له: الله، هو فعل ذكوري قطيعي، فمثلاً تصبح الصلاة وهي التي في ذاتها وأصلها فعل فردي روحاني بالمقام الأول، تمظهراً لغوياً في الفضاء العام، تتبع سيرورة "الجمع المذكر السالم" بالتمام أو ما يقاربه، وهي صيغة لغوية يشترط فيها أن تكون من علم مذكر عاقل خال من تاء التأنيث الزائدة (لاحظ/ي كلمة "زائدة")، وهي شروط مشددة تحصن الذكورة من شوائب التأنيث والحيوانية معاً، والمعية هاهنا معية ثقافية /سلطوية/رأسية، تعرف الأعلى بالأدنى، قائمة على أن الحيوانية دونية بالقطع و الإطلاق. فحينما يشترط أن يكون (عاقلاً) هو إحالة إلى معنى حساس يشرحه عباس حسن في كتابه "النحو الوافي" قائلاً:
 
"ليس المراد بالعاقل أن يكون عاقلاً بالفعل، وإنما المراد أنه من جنس عاقل كالآدميين (والنسب هنا إلى آدم وليس إلى بني البشر) والملائكة، فيشمل المجنون الذي فقد عقله، والطفل الصغير الذي لم يظهر أثر عقله بعد. وقد يجمع غير العاقل تنزيلاً له منزلة العاقل. إذا صدر منه أمر لا يكون إلا من العقلاء فيكون جمع مذكر". 
 
وهنا يحق للطفل وللمجنون والطفل وكذا الحيوان الذكي (!!) أن يدخل قلعة المذكر السالم ، أما الأنثى فلا، وهو ما يعود بنا إلى المنطق الفوكوي–نسبة إلى ميشال فوكو في تحليل الخطاب الذي يتناول العقل والجنون باعتباره خطاب قمع وسلطة. وهو بالضبط ما تم اتجاه الدين بمعناه المطلق، وتحويله إلى نسق ثقافي/ سلطوي /فحولي (وليس فقط ذكوري) ولي عنقه، وباتت فيه الآلهة بمعناها المطلق المتحرر، عرضة لعمليات مكثفة من التفحيل اللغوي، فبات "الله" وهو اللفظ التام المعنى والدلالة والجلالة  المتحرر من قيد الجنوسة (تذكيراً و تأنيثاً) بالإطلاق والإلمام معاً، محاصراً بتسعة وتسعين فحلاً لغوياً لإدراكه ، فبات "عليماً" لا بعلمه فقط وإنما بجنوسة ذلك العلم الثقافية، وكذلك "الرحيم" "الكريم" "العطوف" "المنان" إلى آخره من الصفات والإشارات الفحولية، وهو ما نسميه حصاراً فحولياً مادياً للذات الالوهية المتجاوزة.

***
إن الاستماتة اللغوية في تعريف العلامة التامة بنقيضها، وإن انطلقت من حتمية أن "العلامة تحمل نقيضها معها" كما قال الجرجاني، إلا أنها تعمد إلى تجاوز ذلك وتحرير العلامة الذكورية و إلحاقها وهي النسبية بالمطلق ، في مقابل تصنيم من "صنم"-المقابل الأنثوي لها، وتقييده بثبوت متدن أمام المطلق المتجاوز الذكر الأقوى وكيل الرب. وهو ما يمكننا رصده في كل مظاهر الثقافة التي تناولت تلك اللحظة الوجودة المؤسسة للتجربة الإنسانية ككل: لحظة الخروج من الجنة/المطلق.
 
فنرى أن تناول الذات الإنسانية المؤنثة في تلك اللحظة إنما هو تناول يعتمد على الثبات الصوري نسبة إلى الصورة وإن ظهر متدرجاً، لصالح درجة أكثر تحرراً وسيولة فيما يتعلق بتناول وإدراك الذات الذكورية، وهو ما يخدم مقولة الناقد الإنجليزي داني شيشتير: "كلما زادت المشاهدة قلت المعرفة".
 
فتشكيلياً في العصور الوسطى تم تناول السرد فيما يتعلق بالخروج من الجنة في حيز زماني ومكاني كبير فنياً بشكل نسبي، فلننظر مثلا إلى لوحة "السقوط و الخروج من الجنة " للرسام بول دي لمبورغ، في القرن الخامس عشر:
 
 

["السقوط والخروج من الجنة" لـ دي ليمبورغ]
 
حيث نجد نوعاً من المساحة السردية تشكيلياً، تضمن ولو بدرجة متدنية القليل القليل من الحرية الغير خارجة عن النسق السردي خطابياً.
 
ثم يأتي مايبوس في القرن السادس عشر ليصور لنا تشكيلياً المشهد ولكن ضمن فضاء سردي يكاد يكون معدوماً، ويكثف عناصر الثبات الصوري، في لوحته "آدم و حواء"، محققاً مقولة شيشتر السابقة، والتي انطلقت لتنطبق على الثقافة الخطابية التلفزيونية:

 
["آدم وحواء" لمايبوس]
 
وفي تمظهر آخر، في لوحة "الخروج من الجنة" لتوماسو دي سير جيوفاني كاسي (ماساجيو)، والتي كما يوضح اسمها تصف الخروج من الجنة، نجد أن الرائي/المشاهد يرى/يعرف دلالة الموقف من عناصر مختلفة في الصورة/الخطاب التشكيلي، فنرى تباكي آدم إذ يغطي وجهه وهو مناط الهوية التعبيرية الأول إنسانياً، فأول التعبير الإنساني جسدياً هو الوجه، وهو الذي يميز البشر من بعضهم، وبالتالي فدورة في تحديد الهوية الفردية يعد الأقوى من عناصر الجسد لصالح الإنسان/الفكرة: الهوية، بينما حواء تتباكى في الوجه بوضوح، بينما ذاتها "ميلها" الإنساني إنما هو ميل جنسي/مادي/فيزيولوجي، يؤسس لفكرة أن ذلك الميل هو العورة، والتعري ومنطق خروجنا من الجنة، وهو ذات المنطق الذي يؤسس لقداسة تشييء المرأة وتسليعها كجزء من جغرافية الجنة ومتاع الدنيا، فهي بيولوجيا مادية وليست إنسانية متجاوزة القيمة.
 

 
["طرد آدم وحواء من الجنة" لماساجيو]
 
(وهنا تعيد الثقافة الذكورة تجبرها و منتها على الضحية ، فتسمي الحجاب و النقاب مقاومة ، في حين أنه لا يكسر خطاب القمع الذكوري بل يؤسس له أكثر):
 
ومع تنامي علمنة الثقافة مع بدايات عصور التنوير، لم يتم تحرير الأنثى من سطوة الفحولة الثقافية، مع أن العلمانية تقوم في ذاتها على تفسير الظواهر بما فيها لا بما يتجاوزها، ولكن تظل العلمانية نسقاً ثقافياً يخضع لبنية السلطة في جسد الثقافة الإنسانية عموماً، والبنية اللغوية خصوصاً، فباتت العلمانية وسيلة لتحرير الصورة وليس تحرير الأنثى، أي أنها لم تستطع من الأمر شيئاً.
وكان من الطبيعي أن ينتهي الأمر بالأنثى المسورة من السور بالصورة، إلى نماذج مثل الموناليزا بنظراتها الملغزة، والمتروكة للتأمل الثقافي الذكوري، ثم السينما ونموذج مارلين مونرو اللعوب الفاتنة، وتصدير تلك الدرجة من الثبوت الصوري في موقع الطرف من المركز الذكوري: الرجل الواقع عليه كل تأثير الفعل الوجودي الأنثوي.
 
فكانت عناصر تثبيت المرأة الجسد/الميل للخطئية وكسر القانون، في صورة تسعى لنيل رضا الرجل/الذكر في المركز: مثل مسابقات الجمال والطبخ، المباركين من الثقافة الذكورية البيضاء.
حتى في الحب والعشق ، نرى الرجل إذا ران الإكتمال بمعشوقته، بات مجازاً غير متحقق في الواقع، و الموت خير ثبوت لها في السعي لحرية الذكر المجازية وانقلابه على قيده، مما يستلزم على العاشق في خطاب العشق أن يتحول من كائن واقعي إلى كائن مجازي، فهو ذليل ومجنون ومقتول، وتتحول مهمته في الوجود من رجل عمل ومسؤولية إلى ذات فاقدة لكل شروط البشر السوي مجتمعياً. ومن أدق شروط هذا التكوين المجازي ألا يتزوج العاشق معشوقته لأن هذا الرابط العشقي هو رابط نفي وإلغاء وليس رابط إثبات وتأكيد. كما أن من شروطه تعاسة الاثنين العاشق والمعشوق: ما بأيدينا خلقنا تعساء ( كما في أطلال إبراهيم ناجي )، ولكي يفقد الرجل عقله ولبه وحياته ولكي يتحول إلى كائن ضعيف مستلب لا بد من أن يظل بين/بين، فلا هو هنا ولا هو هناك، ولا هو ممسك بعاشقته ولا هي ممسكة به،ولا هو سال عنها ومنصرف، إنه خطاب في الخروج والاغتراب وليس في الوجود والتحقق، ولكي نتصور هذا فلنقرأ قول جنادة:
من حبها أتمنى أن يلاقيني / من نحو بلدتها ناع فينعاها
كيما أقول فراق لا لقاء له / وتضمر اليأس نفسي ثم تنساها
ولو تموت لراعتني وقلت لها / يا بؤس للموت ليت الموت أبقاها
هنا تتجلى فكرة التحويل المجازي فهو لا يريد حبيبة متحققة، لأن من شرط الحب المجازي هذا ألا يتحقق عمليًا، ولكي يضمن عدم تحققه فإنه يتمنى لو أن خبراً يأتيه يقول إنها قد ماتت لكي تتأكد له (لا واقعية) هذه المعشوقة، وهذا الفقد هو لتحقيق الفراق، بما أن اللقاء ليس من سمات خطاب العشق. غير أن هذا الموت المتمنى سيحرمه من معشوقة مجازية، ولذا فإنها لو ماتت فعلاً فسيدعو على الموت ويا بؤس له ليته أبقاها، وذلك لكي تظل صورة مجازية لحكاية يهم الشاعر بصناعتها ولا يريد تحققها، من جهة، ولا يريد زوالها، من جهة ثانية.
"إن ميل حواء إلى أكل التفاحة هو ميل لقطع المسافة التي تفصل المعرفة النائمة اللاواعية في التفاحة عن الرب كأعلى أشكال الوجود وعياً بذاته؛ إنها رحلة بين الأرض و السماء، بين موضوع التفاحة ووعي الرب الخالص".
حسين البرغوثي، "الفراغ الذي رأى التفاصيل"